إشعاعات من جسدها آخر الربيع - علاء الدين عبد المولى

(1)‏
كلّ مايُرْضي غرورَ الرّيح في قلبي‏
وخلفَ الأرقِ الرُّوحيِّ تمثالُ جحيمٍ يتشكَّلْ‏
أنتِ والمنفى على ناصيةِ الأضلاعِ في مفترق الدَّمْعِ...‏
أما قلتُ لعينيك: جموعُ اللَّيل تمحو ظلَّها الممتدَّ؟‏
... لا تنكسري ولنتحوَّلْ‏
تلك آياتُ الرّؤى تزرعُ في تجويفِك الرَّمزيِّ‏
روحَ القُدْسِ حتَّى تبلغَ النّشوةُ مهراً فيَّ يصهلْ‏
وتعودي امرأةً تخرجُ من مرآتها البيضاءِ أجملْ....‏
(2)‏
من قلبكِ المائيِّ أبداً بالصَّلاهْ‏
لأزفّ بذرةَ ذكرياتي اللّؤلؤيّة نحو صمتِك،‏
أستميحُ مراتبَ الإشراقِ في جسدٍ منمنَمْ‏
آتيكِ بالبشرى ملاكاً في جناحيه ترابُ الإثم والنُّورُ المعظَّمْ‏
والشَّمس تحصد في خلايا فكرتي حقل الحنانِ‏
وتُنضجُ الحزنَ القديمَ...‏
تعبتُ من حَرْثِ التّرابِ‏
ومن طقوسِ الموت قرب النَّهرِ‏
دوري يانواعيرَ الزَّمانْ‏
ليقوم من عرس الطَّبيعةْ‏
نهدانِ يغتسلان ممَّا ينضَحَانْ‏
(3)‏
أأفيضُ في جُرْن المحبَّةْ؟‏
دُقِّي بذورَ الجنس فيه إذاً، ليبلغ كلُّ يَنبوعٍ مصبَّهْ...‏
وألمُّ بالشَّفتين ناراً تستجير بحلمةٍ‏
نضجت على تنّور لذَّتها...‏
لساعةِ جمرةٍ نأتي‏
نبعثرُ في الخلايا مهرجان خصوبةٍ نشوى،‏
سآخذُ ما مُنِعْتُ عن انتمائي فيهِ:‏
فضَّتَكِ الجَسُورْ‏
عنبَ الشّتاء يسيلُ من أبهاءِ نورْ‏
وعلى مقام عرائكِ القدّوس أعزفُ مضغةً‏
لجنين أحلامي الطَّهورْ‏
(4)‏
اسمحي بالرَّقص تحت المطر‏
أنت ما يجهلُه/ يعرفُه العاشقُ في لحظة خَطْفِ البصرِ‏
خاتمٌ من قمرٍ نهدُكِ‏
لوَّاحٌ على البُعْدِ بإيقاعٍ طرِي‏
هاطلٌ صدُركِ بالأسرار‏
الدَّاخلُ والخارجُ: قلبي تارةً،‏
كَفّي كثيراً،‏
وفمي أكثرَ مَهْما تُكْثري‏
آه يانهدين إبريقَيْنِ ينصبَّان في كفّيَّ شلاّلاتِ إحساسٍ‏
بهيميٍّ إلهيٍّ، أليفين مخيفينِ، وما بينهما برزخُ ياقوتٍ‏
ونبعا عَنْبرِ‏
حين شالاني بعيداً نحو غيبوبة رؤيا‏
مزجتْ كوناً بلونٍ‏
رصّعَتْ ديباجةَ المشهد بالسّكْرِ...‏
فيا دهشة أعماقي‏
ويا مفتاحَ بابِ الفرحِ الغائبِ‏
سبحانكِ في كلّ حضورٍ مُسْكِرِ...‏
(5)‏
منجمٌ من ذَهَبٍ أهبطُ فيه‏
عندما أذبحُ قرباناً من الشَّهْوات في صدري‏
وأستحضِرُ في عينيكِ طقساً وثنيّاً‏
نهض الفلّ وحيّا عروةَ الزَّنبقِ‏
وامتدّت يدُ الزَّارع تُحْيي جسدَ النَّعناع في مهجع حُلْمي‏
ضاع عطرُ الماء في كفِّي أذاناً‏
وأنا مقرئُ لذَّاتك في ظُهْرٍ تسيلُ الشِّمس فيه‏
فأَرى قربيَ ناراً تملأُ الكرسيَّ‏
أتلوها، وأبلوها بلاءً حسناً...‏
هذه لحظة أقداحٍ تدلَّتْ من ذراعيكِ فيوضاً وتسابيحَ انتشاءٍ‏
خلفَ رمزٍ شفويٍّ لمْ نكن، لولاهُ، تأويلاُ، وماكنَّا لنرقى‏
جنّةَ النّعمةِ عِشْقا...‏
(6)‏
يرضع العصفورُ عنقوداً من النَّارِ‏
ويزقو في غيوب السُّكْر أعلى‏
اتبعي تحليقَهُ يُحْدِثُ أعراساً،‏
إذا أكملَها سحراً تجلَّى‏
يدُكِ الخلاّقةُ الأولى ارفعيها‏
لغةً تُقْرَأُ بالإغماض فصلاً ثمَّ فصلا‏
منذ أن غادرتِ ميدان الأناشيدِ‏
كبَتْ خيلُ الخيالاتِ،‏
فخيَّلتُكِ ترتاحين في مقصورة اللهِ‏
ولمّا رفَعَتْني الرّيحُ كان الله أحلى...‏
_____________
13/5/1996‏