باب على نيسان - علاء الدين عبد المولى

لا أناديكِ... فأنتِ الآن صوتي‏
ونواحُ القلبِ،‏
موسيقى انهمارِ الفلِّ في الأجراسِ‏
في زرقةِ وقتي‏
أنتِ تلقائيّةُ النَّهرِ الرّبيعيِّ‏
ومن ضفّةِ نيسانَ ولدتِ...‏
لو رأيتُ الطّفلةَ العذراءَ في المهدِ‏
وداعبتُ بأطرافِ مسائي قدميها‏
ما الَّذي يُمْكنُ أن يحدثَ لوْ عادت بنا أحصنةُ العمر‏
إلى مرعى البداياتِ؟‏
أأختارُ مراياكِ؟ وأنحازُ إلى الغامضِ في عينيكِ،‏
والواضحِ في نهديكِ؟‏
هل آخذُ شكل الكرنفالِ المتنامي‏
شجراً يرمي علينا ماءَ موسيقى على يَنبوعها الأعلى ارتفعتِ؟‏
هل أرى الأنثى الّتي بالأمسِ كنتِ؟‏
وأشدّ الكونَ من أطرافهِ، أطويهِ مابين يديها؟‏
وأسلِّي وحشةَ الرَّقصِ بإيقاعٍ لقاءٍ أم خصامْ؟‏
هل تجيئينَ من الماضي هديلا‏
فيه أهتزّ أراجيحَ من اللّوزِ،‏
وتصطادينَ أعماقي غزالاً نافراً‏
نوَّرَهُ عشبُكِ، فانداحَ على الأرضِ جميلاً؟...‏
....... ........ ........‏
عاد نيسانُ إلى أهدابكِ الحرّة حرّاً‏
يتشظَّى رغبةً في رغبةٍ‏
برعماً في برعمٍ‏
وحشيشاً طازجاً في أرض أحلامي...‏
أعيديني إلى ماعادَ من نيسانَ،‏
كيفَ الصّبحُ يَعْرَى خلفَ شبَّاكِكِ،‏
كفّاكِ امتدادٌ لحنيني المترامي‏
عاد نيسان... فنامي‏
في فراشٍ ناعمٍ بين عظامي‏
عاد نيسان... وهذا أوّل التَّطوافِ‏
حول الجسدِ الحافي‏
على سجّادةِ الحلْمِ الخرافي‏
عاد نيسان.. فإنْ عوّدتُ نيسانَ على تقبيلِ أقدامِكِ،‏
أو تطريزِ شفَّاف الثَّنايا‏
وقطافِ الصَّحوِ من يَنبوعِكِ الصافي‏
وإن أفرغتُ ياقوتاً من الشَّهواتِ في إبريقِكِ‏
الماسيِّ،‏
لا تنطفئي، ما أنتِ من يطفئ نيرانَ القوافي‏
عندما تنزل من أعلى دمي حتَّى تُداني‏
شجرَ الأعماقِ في قلبكِ،‏
إذ تحلو عناقيدُ القِطافِ‏
أنتِ من خفتُ عليها‏
وتكسَّرتُ عليها كمرايا من حنانٍ‏
فإذا جئتُكِ مجنوناً من الألوانِ،‏
أعياداًمن الماءِ،‏
على ردفيكِ أغلقتُ ضفافي‏
لا تخافي‏
هي خطْواتٌ إلى ربٍّ صغيرٍ‏
قد نربّيه معاً،‏
نطعمُهُ الفستقَ والبندقَ واللَّوزَ وحبَّات العنبْ‏
هو: شبَّاكٌ على نيسان يدنو بعد يومينِ‏
وعرسينِ، فلا تبتعدي إمَّا اقتربْ‏
أنتِ بابُ الجمرِ في هذا الصَّقيعِ المحتجَبْ‏
لهبُ الخلق وخلقٌ من لهبْ...‏
___________
29/آذار/ 1995‏