أجراس رحيل غامض - علاء الدين عبد المولى
أمرُّ على الأرض،
أحملُ أنهارها بيدين تعيدان جدوى الضِّفاف
وطعمَ اختلافِ العصافير في معبد الماءِ
حول صلاة السَّلامْ.
أمرُّ على الأرض
أنسلُّ من شجر النَّائمينَ
وأتلو عليها رؤى الياسمينِ
وأترك فيها مخيّلةً لا تنامْ.
وأشبهُ أحلامَها بعد يومٍ تداعى
أعيدُ إلى برجها شاردات الحمامْ.
أعرّي سنابلها خلسةً
وأعاشرُ فيها حفيفَ الهواءِ
إذا عبرتْ فيه أنثى تديرُ على حلمتيها
الغمامْ.
أغادرها وأنا مطمئنٌّ إلى أنَّ شاعرها المتشرِّدَ
ما ضلَّ حين غوى
وأنَّه ما زال كالنَّجم لما هوى
وما بين عاشقتين أقامْ.
أمرُّ على الأرض
أقرأ في ليلها حقَّ هذا الشّتاءِ
بأن يتبادلَ أنخابه مع سكّان أمطاره،
عندما ينسجون البيوتَ على نول أقداحِهم،
فتسيل النّوافذُ مثل الحكاياتِ
من شبق السّاهرينْ.
أمرّ سريعاً كدمعة فلٍّ على عنقٍ من حنينْ
أمرُّ على الأرض مضطرباً
أتدرَّبُ فيها على الاحتضار البطيءِ
لأبلغ موتي قليلاً قليلا
أمرّ على الأرض أخسرُ فيها خيولا
وأربحُ منها اتِّحادي مع الرَّاحلينْ
لأشرح عنها غيابي فأزداد فيها حضورا
وأترك فيها جمالاً مثيرا.
أعلّق ليلي على ليلها
ليكون السَّوادُ أقلَّ ارتفاعا
وأحرسُ أرض مخيِّلتي من خريف الجمالِ
وأمنحُ قلبي سلام النَّقائض
علِّي أخفّف هذا الضَّياعا
فيسكن لي ظلُّ ظلِّي
وينساب فيَّ اليقينُ أشدَّ اندفاعا
أحدِّدُ لي جهةً،
وأسيِّر تحت المصابيحِ
قافلةً من شهوري
أعدِّدُ في السرِّ كمْ مرّةٍ خابَ فألُ المسافرِ
في طرقات اللّغاتِ
وفي وطن يتمدَّد بين السّطورِ
وأقسمُ بالكوثر العَذْبِ
أنِّي غسلتُ به ألفَ إسوارةٍ،
لزفاف العذارى الأخيرِ
ولكنّني كلَّ عرس أردّدُ:
من ستكون الأخيرةَ منهنَّ،
من ستكونْ؟؟؟
لهذا أمرُّ على الأرض في قلقٍ وجنونْ
حصاناً يكون له السَّبْقُ، أو لا يكونْ...
__________
4-12-1998
19-4-1999