تشبهون دمي - عمر إدلبي

إلى عنقود العائلة حبة .. حبة
تشبهون دمي،
أقصد الشِّعرَ
حين يعلّقني قمراً .. وينامْ.
تشبهون فضاءَ البياض بروحي ،
يدلّلني حين يقسو الظلامْ.
ليت قلبي يضيءُ!!
ترى هل سأشبهُكم
وأَشفُّ كبلورِ طيبتكم ؟
ربّما ذات وحيٍ
إذا ما اصطفيتُ نبيَّ الغمامْ .
كان ما بيننا طوقُ فلٍّ وشجرةُ لوزٍ ،
وكنّا صغاراً على غزل سجادةٍ
من نجوم الخيالْ .
باقةٌ من صغارٍ
تحيّرنا دورةُ الكونِ
واللؤلؤ المتناثرُ في شاطئ الليلِ ،
نضحك حين نرى الأهلَ
يتّهمون صدى الريحِ بالجنِّ ،
نضحكُ ، والخوفُ يسحبنا من أصابعنا
لاختلاقِ الأغاني
فتهربُ من خلف شبّاكنا
هرطقاتُ الظلالْ .
باقةٌ من صغارٍ ،
وكنت ألفّقُ عمراً كثيراً لعمري ،
لأغدو أباً يستميلُ الملائكةَ البيضَ ،
كي ينتشي وردُ أفراحكمْ ،
إنّني خجلٌ ،
لا لأنَّ السماواتِ أبعدُ من متناول كفي ،
أنا خجلٌ ، لم أَكُنهُ ،
أباً لم أكنْ
لبلابلَ شبّتْ شموسُ فراديسها
عن قناديل قلبي ،
اعذروا ريشَ أرجوحتي،
كان أقسى من النسماتِ
على الزغب النَّرجسيِّ بأجسادكم ،
واعذروني ،
قطفتُ لسهرتكم قمراً واحداً
لم أَطلْ غيرَهُ
حين كان المساءُ يقلِّبُ دفترَ شعري،
وكان المدى غافلاً عن كروم السماءِ،
أضيئوا لأحلامكم شمعَ قلبي ،
ودلّوا عليَّ طيورَ السؤالْ .
كان ما بيننا زخةٌ من ندى العمرِ ،
صارت قرى بوحِنَا
كالرموش التي خبّأَ النومُ فيها العناقَ ،
وصارت أصابعُنا أيكةً
من زنابقَ عاشقةٍ ،
صار ما بيننا
ما يخاف عذوبتَهُ كوثرُ الشِّعرِ،
ما يشتهي الكروانُ فراتَ الغناءِ ببستانهِ ،
ويغارُ من العيدِ في مسكهِ الزّيزفون .
واعذروني إذا لغتي انعطفت فجأةً
باتجاهِ دموعي ،
فما بيننا خيطُ حزنٍ
يقصُّ ارتجافَ هواهُ على وترٍ
بلَّلَ الشِّعرَ بالدَّمعِ ،
بالليلِ، بالحبِ،
فاتسعَ الصوتُ وسعَ السّكونْ .
واعذروني
إذا ما رنينُ الحروفِ
اشتهى في الصباح جنينةَ عطرٍ ،
فضاعَ أريجٌ من البيلسانِ
وسحرُ بنفسجةٍ وتوهّجُ جوريَّةٍ
عن شِبَاكِ يديَّ ،
اعذروني ،
فما بيننا ما يموت الكلامُ على شفتي
ويظلُّ كما أشتهي أن يكونْ.
* * *