وتحضنني دمشق - عمر سليمان

هِيَ ذِي دمَشق كعهدِها مزدانَةً
تغفو على كَفِّ القَصِيْدِ الصَّاحِي
ترنو بمِلئِ العَيْن مِثْلَ صَبِيَّةٍ
عَبِقَت بِضَوع عبيرِها الفَوَّاحِ
وَتُعِيد أغنِيَةَ الصَّبابَةِ كُلَّما
سَكِرَ المَدَى من صَوْتِها الصَّدَّاحِ
فإذا أرِقْتَ فخَمْرُ جِلَّقَ فاخِرٌ
ومُعَتَّقٌ ينسِيكَ كلَّ صَباحِ
فَخُذِ الشَّرابَ وَخَلِّ كأسَكَ جانبا
فإذا صحَوْتَ يَزُولُ هَمُّ الرَّاحِ
أإلى دِمَشْقَ يَعوْدُ قَلبِي سَاهِدَاً
وَبِها المُدامُ وَصَفوة الأقداحِ؟
وهي الَّتي ضَمَّت فُؤادِي عِنْدَمَا
غَدَرَ الزَّمَانُ وَكَلَّ كُلُّ سِلاحِ
إنِّي دِمَشقُ قّصيدَةً منثورَةً
وعلى تُرابِكِ أرتجي إصلاحي
فالوَرْدُ قافِيَتي وَضَوع عبيرهِ
وزني وصوتُ سَبِيله إفصاحي
قلبي تَمَزَّقَ إذ تَفَرَّقَ جمعنا
والدهر أثخن منه كُلَّ جِراحي
ماذا جرى ياشامُ؟هلْ تَعِبَ الهوى؟
فإذا هَجَرت حبيبتي ترتاحي
إني كما تَهوينَ كنتُ وَلَم أزَل
قلب يدقُّ بعطركِ الفوَّاحِ
وعلى فُؤادي قد طَبَعتِ صُورَةً
مِثْلَ الخيالِ وَرَونَقِ الإصباحِ...
وَأمام سِحرِكِ أحتسي كمُقَامِرٍ
كأسَ المدامِ وأرتجي أفراحي
ماللقلوب ِتَعافُ أحلامَ الهوى
وَتُعيدُ ذكرَ الليلِ كُلَّ صَبَاحِ
وَتَسلُّ سِكِّينَ الجفاوَةِ والأسى
فوقَ العَقيقِ وَتحت سيف صَلاحِ
قُولي دِمَشقُ فإنَّ كليَ سامعاً
ولأجلِ ثغرِكِ قَد كتمتُ صياحي
إني فَقيرٌ تائهٌ في لَيله
ولك التجأتُ لتعطني مصباحي
ولألتقي بأحبَّتي في ضوءه
ياشام صار الصمت كالإفصاحِ
لا شيء أملِكُهُ أمامَ أحِبَّتي
إلا خيالُ قصيدَتي ونواحي ..