مرثيَّةُ الآس - عمر سليمان

أريقُ بُعْدَكِ في همسيْ وأنفاسيْ
فيورقُ الشوقُ صمتاً حولَ أجراسيْ

أمرُّ عصراً على دربٍ يهدهدُهُ
صدى خطاكِ ومافي الدربِ من ناسِ

وحديْ أغيبُ وسيفُ الريحِ يقسمنيْ
نصفاً يراكِ ونصفاً-يدَّعيْ-ناسيْ

ونهرُ قلبيْ يفيضُ الذكرياتِ على
مرآةِ فكريْ فأرنو خطوكِ الراسيْ

هنا مررنا وأقواسُ الورودِ خلتْ
فكانَ خدُّكِ وَرْدَاً حولَ أقواسيْ

شحوبُ جامعِنا والضوءُ يغرقهُ
لي فيهِ جامعُنا من غيرِ حراسِ

حبٌّ غفا بينَ زهرِ الصحوِ فانتبهتْ
في يانعِ الطرفِ أنداءٌ من الماسِ

وسيدي خالدٌ قد باتَ يشهدُ لي
عقداً من العشقِ في عينيَّ/قرطاسيْ

الآنَ وحديْ...وكأسيْ كلُّ ما منحتْ
عمريْ المنافيْ فحزني الآنَ لي حاسيْ

يومَ الخميسِ أرى سوراً توضِّبُهُ
حمائمٌ ووقوفٌ حولَ جُلاسِ

على الرصيفِ أناشيدٌ ومبخرةٌ
وباعةٌ...طيبُ مسكٍ تحتَ نبراسِ

هُنا نساءٌ توشَّحْنَ السوادَ وقد
شَيَّعنَ آساً ودمعاً عارياً كاسيْ

من سبعةٍ كنَّ أيديهنَّ قد دفنتْ
أغراسَ آسٍ على قبرٍ لأغراسِ!

والآسُ نعشٌ به يؤوي رفاتَ سُلُوٍّ
أو أنينٍ جرى من حرقةِ الناسِ

والآسُ يحيا ويقضي مرتينِ ويأ
تي قبرَهُ الناسُ كلٌّ قارئٌ ناسيْ

والآسُ يؤنسُ سكانَ المقابر
ِ لوغابَ الأقاربُ عنهم أيَّ إيناسِ

ويتكيْ...: إننا عشنا وما عرفوا
فواسِ يابدرُ من لم يأتِنا...واسِ

***

ماظلَّ إلا وريقاتٌ يلاطمها
موجُ الخريفِ ببردٍ متعِبٍ قاسيْ

تفرَّقَ الجمعُ لمَّا العصرُ لبَّدنيْ
على الرصيفِ وفاضَ الحزنُ من كاسيْ

وغابَ كلٌّ إلى شأنٍ وحادثةٍ
فعدتُ وحدي أعزي مجلسَ الآسِ

حتَّى إذا ما غفتْ شمسيْ لتصرفنيْ
أرقتُ بعدكِ في همسيْ وأنفاسيْ...