ظهيرةُ كانون:خلفَ زجاجِ الشوارعْ - عمر سليمان

حينَ تبتسمُ الشمسُ في ظهرِ كانونَ
تصفو مرايا عيونيْ
فأنظرُ مملكةً من غيابٍ بديعِ
هادئُ الأفقِ يهطُلُ في لؤلؤٍ أو لبانٍ
وعيناكِ تغفو برفِّ صفاءٍ عليٍّ
وقد شعَّ للكونِ ترنيمةٌ تغمُرُ الأرضَ
حينَ البخورُ تصاعَدَ من دفءِ أنفاسِها
راحةً من عناءِ الدموعِ
كالمليكةِ تجلسُ شمسُ الشتاءِ بعرشِ المدينةِ
تطلقُ في أعينٍ من رضا بسمةَ الأنسِ
قد عادَ محبوبها النورُ بعدَ بكاءِ اللياليْ...فتلمعُ في ثغرها
أيُّ لحنٍ لغزلانِ هذا السلامِ!!
تجلَّى ليشرُدَ في بيدرٍ لؤلؤيٍّ
ووردُ الطفولةِ خلفَ الفراشاتِ يعدو
وغيمُ الهزيعِ الأخيرِ غفى بعدما أتعبتهُ الحروبُ
وخلَّى لهذا المدى أخضرَ الصحوِ في عالمٍ من ربيعِ؟
ذاهلاً في المدينةِ
أنظرُ حوليْ انتشاءً غريباً
وخلفَ الشوارعِ قصراً من الذكرياتِ يموجُ كما قزحٌ
يالهُ من تجليْ رهيفٍ لعينيكِ أنظرهُ مطرقاً في الأعالي
أرى حولهُ ندفاً من يواقيتَ أو سندسٍ
تنثرينَ عَلَيَّ الندى أينما التفتت لهفتيْ
يستبينيْ رذاذُ الهناءِ ويشعلُ حوليْ الغيابَ كحمَّى
لأغمضَ عينيَّ مثلَ نبيٍّ
فكونيْ لقلبيَ عذراءَ هذي الطمأنينةِ
حتى أكونَ يسوعيْ...
هل حروبُ السحائبِ في الليلِ كانتْ لأجلِ سلامٍ أخيرٍ لهذي المدينةِ
فانسابَ ماسُ الغنائمِ
في محفلٍ من سطوعِ؟!