يطيرنيْ رف عينيكِ نحوي - عمر سليمان

لعينيكِ عندَ الغروبِ هديلُ الكمانِ على جدولٍ من قُزحْ
كقديستينِ تبتلتا
حينَ رنمَ في جنباتِ المساءِ لعينيكِ قلبيْ
ويبكيْ لشدةِ فرحتهِ
في رؤايَ الفرحْ
يطيِّرُنيْ رفُّ عينيكِ نحوي
إلى شرفةٍ حلقتْ بيمامِ الخيالِ على أخضرٍ مدَّ محبرةً للنشيدِ البعيدِ
ويصدحُ ضوءٌ بغرفتهِ
ليسَ يدريْ لماذا صدحْ
تهرهرُ خلفَ جفونِ الأثاثِ الآلئُ
يصغيْ لهمسِ القصيدةِ يعزفُ يوميَّهُ عالميَّ الملامحِ
ليست هنا عالمي الملامح جملةَ شعرٍ بلاغيةً
إنما هكذا كان يحيا القصيدةَ
حينَ يكونُ وحيداً ببيتهِ عندَ الغروبِ
يحسُّ الحياةَ بحبٍّ سيحياه
أو برقيِّ التساميْ
ومن كلِّ شيءٍ يرى غيرَهُ...
و صغيرٌ على الحزنِ
تنتابه الذكرياتُ رياحاً
فيصغيْ على شرفةِ البيتِ كيفَ الحمامُ يمثلُ رمزَ القرى
ولطيفاً رهيفاً سعيداً
وحيرتهُ لم تزلْ غضةً مثلَ سنهِ
جربَ أن يلمسَ الحرفَ ما كانَ يدريْ بأن وراءَ النُّقطْ
شَرَكٌ للغةْ
أطيرنيْ بي وعيناكِ محرابُ هذا المساءِ
ترقرقَ حوليْ شريطُ التذكرِ
ينتابنيْ صوراً أو مشاهدَ
عيناكِ مرُّ النسيمِ وذاكرتيْ بيلسانٌ
وقربكِ أمشيْ
وقربيَ غيريْ
نعاسٌ لعتمةِ هذيْ الشوارعِ
حوليْ المصابيحُ والصمتُ
نمشيْ بُعَيْدَ انتهاءِ محاضرةٍ
وأنا مثلُ طيرٍ تنقلَ في ظلِّ صفصافتينِ صبيحةَ نيسانَ
عيناكِ نظرةُ مريمَ بينَ شموعِ الكنائسِ
من غبطتيْ تهتُ كالطفلِ أحكيْ وأشكيْ وأبكيْ وأحكيْ
لعلكِ أنتِ ولكنَّ عينيكِ غيرهما في مرايا الغيابْ
نودعنا عندَ مفترقٍ الذوبانِ
ذهبتِ شمالاً
ذهبتُ جنوباً
وغبتُ شمالاً
وكانَ النبيذُ المسائيُّ يملأ أقداحَ رؤيايَ
حينَ تصافحُ عيناكِ بدراً جداولَ روحيْ
وعادَ العراءُ وبردُ الضياعِ يحفَّ الشوارعَ بعدكِ
لكنَّ عينيكِ بعدكِ ليْ
مثلُ عصفورتينِ على غصنِ رؤيايَ ريشهما
خاطرٌ من ألقْ
تدفئُ كلتاهما نشوتيْ بالحنانِ
يدايَ بجيبيْ هنائيْ
وأبسمُ من أيِّ شيءٍ
أمرُّ أماميْ
وأمضيْ أماميْ بغيريْ
ويكبرُ مثليِ الحنينُ
وتعدو القوافلُ في كلِّ أرضٍ
وعيناكِ عيناكِ كالنجمتينِ تطلانِ فوقَ انقلابِ السنينْ ..