حين لاهواء ..! - عيسى الشيخ حسن

حين …لا هواء
* شعر : مقاطع من نص طويل
النشيد الأول :
---------
على أنّ هذا النهارَ
تأخّر
كنت ُ أردّدُ :
شمسي نعسانةٌ
في الغسق
وتهيلُ على أرجواني
شفق
تأخّر هذا النهارُ
استطالَ
رماني بما لا أطيقْ
و لا أدري
كيف تسرّب هذا الذي … لا يسمّى
إلى نخل ِ روحي
وكيف استباني
وأيقظ َ كل َّ الطيور ِ
التي تركتني و " هجّت "
****
تأخّر هذا النهارُ
و أيضاً
تأخّر قلبي
عن السائلين عليه
و لا ليلَ يدنو
ويأخذني
كي أنام
وأحلمَ أنّي نبيل ٌ
يعيدُ إلى الفقراء ِ
القميص َ الذي راودته
الرؤى
عن نبي ٍّ كسيف ٍ
طويل ِ العذاب
يعيدُ السنابل َ خضرا ً
والعجاف َ سمانا ً
يعيدُ إلى أغنيات ِ الشتاء
الحمام ْ
****
فيلثم " يوسفه " في انكسارٍ
ويرمي على حزن "يعقوب"
جرح الغياب
و نزف الغياب
ويمسكُ خيط القصيدة ِ
كي لا تطيرَ بعيداً
وتتركَ ريشَ غواياتها
يدبّـق بين أصابعِنا
فيلقي على وردة ٍ من يديها
صباح القرى
وتسندَ رأسَ النهارِ إلى ركبتي
فترقص ُ حيناً
وتهمس ُ في أذنيّ
بأنّ الجهات التي نثرتني
على ذمة الوقت ِ
تؤجِّل ُ خوفي
-
كموت ٍ
يطيب له
أن يكون
ودودا ً
-
وذنبٍ
عصيٍّ
الندم
-
يعيد ُ إلى دربنا رملـَه ُ
و إلى حزننا ظلـَّه ُ
-
وإلى مدن البحر ِ والغرباءِ
سفينا ً
تسرحُ في شاطئ العمر
معنى الظلامْ
-
و لا ليل َ يدنو
-
ويأخذني كي أقول اعترافي :
شمسي نعسانة ٌ
في الغسق
وتهيلُ على أرجواني
شفق
في انتظار الخريف ِ
الخريف ِ الذي ظلَّ دوما ً
صديقي
وسافر عنّي إلى قريتي
الوادعة
-
وسامرني في الأماسي الطوال
وشاركني قهوة السابعة
-
ولا ليل يدنو
-
في انتظار الخريف ِ
وقفت ُ على خيبة ِ الأصدقاء ِ
أطلت ُ الوقوف
وأولمت ُ كلّ البكاء ِ
لأجل ِ حبيباتهم ْ
يطوّفن في الذكريات ِ
النصال
كذلكَ :
أسرجت ُ صيفي
لأمسح عنهم غبار الظهيرة
والذكريات البعيدة
-
و رمّمت ُ خوفي عليهم
وغطّيت أحزانهم بالقصيدة
-
فيا إخوتي الغرباء
انطروني :
شمسي نعسانةُ
في الغسق
ستهيلُ على أرجواني
شفق…………..
-
تأخر جدّاً
تأخّر هذا النهار ُ
قرأنا الجرائد َ
نمنا
حرثنا حقول َ النميمة ِ
جعنا
رفونا ثياب َ الأماني
الغشيمة ِ
-
أيضاً :
قصصنا أظافرنا
كي نظل ّ وديعين
في ذكريات الشمال
إذا ما حلمنا به
-
و لا ليل يدنو
-
مضينا إلى موتنا
في الوظيفة ِ
عدنا إلى موتنا
في البيوت
-
و لا ليل َ يدنو
-
وأيضاً عددنا ليالي الشتاء ِ
التي لم نذقها …هناك
سمعنا الأغاني
التي جمّعتنا بهم
-
و لا ليل يدنو
-
سألنا سعاة البريد
عن الطرقات ِ التي كتبتها
خطاهم
سألنا عليهم
خطوط الهواتفِ
ريح الشمال ْ
-
سألنا حروف الرسائل ِ
إن كان ثمةَ َ خبز ٌ
على صاج أمي
لتسرقه في الليالي النجوم
-
و لا ليل َ يدنو
-
استطال النهارُ
-
يكون ُ على نخل ِ روحي
الملول ِ
بأن يتثاءبَ حيناً
ويرمي على طيره رطبا ً
من كلام
****
ويرفع هذا الذي …. لايسمّى
طويلاً طويلاً
إلى فسحة ٍ في يديه
يغنّي له ُ
ثمّ يبكي عليه :
-
شمسي نعسانة ٌ
في الغسق
وتهيل على أرجواني
شفق
…………..
و لا ليل يدنو
-
أكان علينا
الرحيلُ الجديد ُ
اتقاءَ الذي لا … يسمّى
أكان َ علينا إذاً
أن نغطّي دفاتره ُ
بارتكاب البياض الأثيم
البياض الذي ينحني
لاحتمال الكتابة
-
أكان علينا تناسي الطيور / الشوارع ِ حين تعاتبنا في الشتاء ِ/ نشيد الصباح / حبال الغسيلِ التي نشرتني عليها طويلا / وصوت المؤذن عند السحور / وجمر كانون / نشوته في أماسي الصقيع / وسنجار حين يجوع ُ / وطوروس حين يضيع ُ / الصغار الذينَ يحثون وهمي / النساء على س
-
فيا صاحبي رحلتي
" أقيما عليّ "
و قولا لهذا الذي ….. لا يسمّى
بأنّ الطيور التي غادرت
لا تجيء
****
وأن ّ المحطّات تأخذني
نحو ذاك المساء ْ
وأن النهار تأخّر
-
يكفي :
بأنّي أخذت نصيبي
من النهر
قبل الجفاف
-
وأني رأيت الطيور
تمرّ بحزني
وتذبحه بالغناء
-
و يكفي :
بأني " تدلّلت " جدّاً
على الأصدقاء ْ
قسوت عليهم
وغبت ُ طويلا ًعن الموت ِ
حين أتاهم
و هدّ الجدار
الذي .. كم وقفنا عليه
جميلين كالصمت
-
مليئين بالوقت ِ
و الحبّ
و الأسئلة
-
ويكفي :
بانّ بلاداً
تخاصر ريح الشمال ِ
تراقصني
في المنام
فأشرب ُ نهر أناشيدها
وأرفع نخبي
-
ويكفي :
بأن بلادا ً
أرتبها بهدوء ٍ
وأحمل " جزمتها " في الشتاء ِ
كطفل ٍ صغير
تدوسُ عليّ
-
ويكفي :
بأنّ الطيور َ
التي عاتبتني
ستبكي عليّ
وتنثر في الريح
هذا الهديل
و ذلك حسبي
*****
تأخّر هذا النهار
و أيضاً تأخّر قلبي
-
وبعد ُ :
فلا نص يثني على رسم روحي
و لا صبح َ يسرق ُ مني الغناء
-
أكان علي ّ
احتمال ُ الحقيبة ِ
في كل ّ درب ِ ؟
-
وجرح الهواء بأسمائهم ؟
-
أكان عليّ :
اقتراف ُ الحياة ِ ؟
وفضُّ الحنين
لصيفٍ بطيء العنب ؟
-
أكان علي ّ :
التغاضي عن السائلين عليّ ؟
ورمي الذي ….لا يسمّى
بورد ِ العتب ؟
-
له ُ :
أن يدسّ رسائله
في جهات السفر
-
لهُ :
أن يكب َّ على الحزن
دلوا ً من الماء
حتما ً
ويجهش قربي
-
له ُ:
أن يخاصمني
إذ رحلت
و يؤذن قلبي بحرب
-
له ُ:
أن يخيط نشيدي هذا :
شمسي نعسانة ٌ
في الغسق
وتهيل على أرجواني
شفقله ُ:
أن يخيط نشيدي هذا برفة ِ هدب ِ
-
وحين أقاموا علي ّ
نسيتُ بأني متُّ
فحدثتهم عن سجايا الغياب
وعن ذكريات أبي
وحين أفاضوا
نهرت الحنين
وأسرفت في مدح أيامهم
وحين أطال الذي…. لا يسمّى
احتساء نبيذي
زعمت بأن النهار قصير
ليشرح فكرته للطيور
التي غادرت
نخل روحي
-
لـــــــــــــــــــه ُ :
أن يمدّ أصابعنا
كي يلامس َ جفن َ الشمال ْ
-
لــــــــــــــــــه ُ :
أن يشدّ من الغيظ شعري
ويرمي على كلّ ليل ٍ
ســــــؤال
لــــــــــــــــــه ُ :
أن ينــــــــــــــــــا
ا
ا
ا
ا
ام ْ
و أنّى لــــــــــــه ُ
كلّ هذا محال
-
تماما ً
كما يفعل ُ الذاهبون
إلى الحرب ِ
تماما ً
كما يفعل العائدون
من الحرب
ألمّ تفاصيلها
من بقايا الصور
*
سأسبق ُ نومي إليها
وأحملها في نشيدي
وأعدو بها
ثم أعدو
وأعدو
و أعدو
لأوقظ هذا السفر
سأشتمه كلّ حزن ٍ جديد ٍ
وأشتمه كل حزن ٍ غبر
و حين صعدنا لأول مرة
ندب على سلم الطائرة
و كل صباح ٍ أتى
لاتشاركني فيه ابنتي
في فطوري
وكل َّ وظيفة رسم ٍ
تلون فيها الجبال بلون البنفسج
وكلّ سماء ٍ غدت
لا تضيّع بين يديها طيوري
فكل الذين أحبّ
غدوا في الترابْ
أو نأوا في الغياب ِ
وباتوا أثر
.......................
.....................
تأخر هذا النهار
و لا ليل يدنو .