عاشقة فوق بساط الريح - غادة السمان

.. ولم تكسب رهان إذلالي.
خوّفتني من القمر، وادّعيت أنه سيهاجمني
ويدّثرني بالجنون الفضي
إذا لمحني بدونك...
خوّفتني من الليل، وقلت إنه سيغتصبني
وسألد الغربة لقيطةً تلوثني..
خوّفتني من زملاء العمل، وادّعيت
أنهم سيأكلونني حيةً على طاولة الاجتماعات..
ويمسحون أيديهم من دمي بأوراق محاضر الجلسات!..
خوّفتني من الريح، وأوهمتني أنها ستسرق صوتي..
خوّفتني من الرحيل، لأنه سيلطخني بأوحال الدروب..
خوّفتني من كل شيء، من الزنابق والعناصر
كي أقدم أوراق اعتمادي إلى سلك ملذاتك
وأعمل جارية في كهوف لا مبالاتك المزدحمة بالسبايا
وأتسكع على الشراشف الحريرية لضجرك
بين وسائد تشاوفك وتأففك المتثائب...
لكنني يا سيدي، قررت الرحيل إلى حريتي فوق بساط الريح
مترعة بالحزن، مضرجة بالفراق، متأججة بالحراج
وها أنا أجلس وحيدة
على قمة عالم صغير أمتلكه، أتنفس العواصف
وأدمن طعم الكرامة الخشن كمنشار...
لكنني آتيك بالمحبة، وأسألك بالصفاء
بعيداً عن المستنقعات المتحركة للحقد:
هل نستطيع أن نتعلّم معاً كيف نكون صديقين؟
أريد أن أصادق حبك، ولكن كيف؟
***
أيها الشقي، ألم تتعب من الفرح المستعار
والمهرجانات "الكرنفالية"،
التي تخرج فيها الأرانب من قبعتك لآلهة التصفيق؟
متى تنضم إليّ في الركن المعتم
لننتظر معاً شروق الشمس ونتعلم الحنان؟
__________
8/4/1988