عاشقة تطير مع بوم الدهشة - غادة السمان

تموت الأبجدية، في بيت المرأة الشرقية
في مذبحة التفاصيل الصغيرة اليومية..
هل لمّعتِ الأواني الفضية بدل حروف الأبجدية؟
هل مسحت الغبار عن الأرائك
وتركته يغطي أهدابك تحت الكحل؟
متى يحضر الضيوف؟ هرولي في القن داخل الهدر.
هل حمّرت البطاطس في الفرن وقددتِ حروفك؟
هل سترتدين ثوبك المخملي أم قميص المجانين؟
هل تملقت أقنعة الكرنفال،
هل صبغت حذاء المدعوين
بحبر قلمك
ونزفت دم موهبتك
ليلة قطعوا رأس القط أمام العتبة لإرهابك؟
***
ثمة مقبرة اسمها التفاصيل
تُدفن فيها أبجدية المرأة الشرقية
كهياكل السيارات الصدئة المحطمة
التي لا تزال تحلم بالريح بالريح والمسافات وشهوة الأفق..
وكل ليلة، أقصّ نافذة في الأفق المعدني للمقبرة
أتسلقها بهدوء، وأقفز منها هاربة إلى الغابة
لأنشر أجنحتي قبل أن يأكلها الصدأ والعث
وأطير مع بوم الدهشة إلى أرض السرّ...
بعيداً عن مقبرة الأبجدية
في دهاليز مطبخ الأحزان الشرقية...
_________
22-5-1992