الأحد: لا أريد أن أستريح - غادة السمان

لا أريد مجاملة الصدأ، على شفاه حنّطتها الرتابة الجافة
القحطية.
لا أريد الذهاب إلى محاضرات موبوءة بمقولات متشابهة
كالأحذية أمام مدخل معبد بوذي.
أريد أن يقترب العشب مني، وينمو فوق جلدي المقدد.
تعبتُ ممن يهيل الحزن فوقي والرمل ويحاول وأدي في تلك
القوالب الجاهزة.
لم يعد ثمة وطن أو حبيب يستطيع تعليقي على حبال الذل
والانتظار مثل ثوب نصف مهترئ غسلوه طويلاً بالمطهرات من
الحياة والحب والشوق وشهية التحليق.
لم يعد ثمة من يستطيع قصّ أجنحتي وهي تعانق الريح
كالمراكب الذاهلة في عواصف العصر، أو حرماني من رحلاتي
بين مكتبات العالم وأسرارها وحرياتها وغاباتها.
سأمضي مع المجهول حتى قاع السماء أو قمم الأعماق...
فقدري أن أكون نورساًَ يرحل بعيداً عن مهرجانات الأقنعة
والببغاوات والرياء...
وحبك يطلق سراحي من ذلك كله إلى المدى ويهمس:
أمطري حيث شئتِ، فقلبك النورس عندي!