جرثومة السفر - غادة السمان

"على قلقٍ كأن الريح تحتي".
واقعة في قبضة الغيم، في قبضة زنزانة الفضاء حيث تتقاطع
المصائر.
اتكئ على المطر مستسلمةً لشهوات اللا جسد. لا شفاء لي
من القطارات والمطارات والفنادق على أطراف البحيرات
والغابات، والمرايا التي أرى فيها وجهي لمرة واحدة وأرحل
متكة على المطر.
الجسد سلحفاة والرغبات أرنب. الرحيل يجعل السلحفاة
أرنباً، يهديها أجنحة فتذوق المتع "النورسية".
لا شفاء لي من لواعج التشرّد.
خرائط تعبر روحي وتعيد كتابة خارطة أعماقي، وبصلات
تركض في دورتي الدموية على هدي مؤشراتها.
"اغتربْ تتجدّدْ". رحلت لصيد الرعشات. اكتشفت أن قمة
الجبل هي قاع السماء، والحقيقة تتبدل تبعاً لـ "موقع النظر".
ولكن، أياً كانت الشواطئ المدارية والقطبية التي يعمّدني
رذاذ أمواجها،
أعرف أنني سأظل أبداً أمشي على شاطئ الروشة ذهاباً وإياباً
كشبح لا يراه بعد منتصف الليل إلا الشعراء والعشّاق والسكارى
والمجانين والأطفال...
يا أشجار النخيل قرب مسبح الجامعة الأميركية: ارفقي
بشبحي المقيم عندك...
أيها الصبي الذي يطاردني على الروشة ليبيعني زهرة غاردينيا،
أخشى أن أشتريها منك، وأستيقظ في سريري في باريس،
فأجدها تزيّن شعري.