ذاكرة المستقبل - غادة السمان

يوم مُتُّ،
حملوني إلى حيث لا أدري.
وحين صحوت كان التراب نذياً بالمطر، وضوء القمر
موسيقى أثيرية صار بوسعي أن أسمعها...
شعرتُ أنني أحيا حقاً للمرة الأولى.
مددت يدي بهدوء، ومحوت الهراء الذي خطّوه على شاهدة
قبري، وصرت أكتب اسمي الحقيقي، وسجّلت أن تاريخ ولادتي
هو ما يتوهمونهُ يومَ موتي...
آمل أن لا يفكّروا في تشريح جثتي، لأنهم إذا فتحوا قبري
فلن يجدوا شيئاً؛ ولن أترك لهم حتى عنواني لتحويل رسائلي
إليّ...
ولكنهم سيجدونني سطرتُ على شاهدة قبري: "لقد قضت
عمرها وهي تتعلّم الطيران، وها هي أخيراً تتقنه وتطير..."