قبر لحفّار القبور - غادة السمان

لم يخطر ببالي يوماً
أنني سأحب حفّار قبور يونانياً،
أصابعه موسخة بالتراب والتاريخ...
يرقص ويكسر الصحون والأكواب ويغنّي بحرارة زوربا،
ويشرب ابنة الكرمة ويحتفي بي طوال الليل... ويسألني عند
الصباح مستنكراً: أما زلتِ حيّة؟
على صفحة البحر، بين الأمواج الزرق المحيطة بالجزيرة
البيضاء، شاهدت ذلك المركب وعرفته: إنه أول مركب ورقي
طويته حين كنت طفلة وقذفت به في البحر... كان لا يزالُ
يرقص تحت الشمس صامداً كبارجة ولمّا يبتل منذ ذلك الزمان
الغابر...
ذات صباح مشرق، حفرت قبراً دفنت فيه حفّّار القبور،
ورحلت وحيدة في المركب إياه.