ذاكرة ثملة - غادة السمان

لماذا،
حين أكون ثملة في الطائرة
تتخذ السحب كلها شكل خارطة سورية،
سحابة إثر أخرى؟
***
في احتفالات الغربة الباريسية، أقص الشريط التذكاري للمطر
في مطعم "ماكسيم" بمنجل حقلنا العتيق في قرية "الشامية".
لو كنت امرأة من الشوكولاته،
لأذابتني شموس سنغافورة ومانيلا.
ولو كنت امرأة من الملح،
لالتهمتني مياه البحار واستعادتني بين لشبونة وبرشلونة.
لكنني سندبادة، دارت الدنيا وهي تفتش عن حبيبها،
وكان دوماً في قاعها، واسمه وطنها!
***
كان متوحشاً وقاسياً.
أحسست كفه كلوح من الجليد حين أخذ يدي.
لكنني أحببته وتبعته حتى آخر العالم
والثلج يهطل من عينيه فوقي...
وشفاهه تنفخ رياح جبال الألب حين يهمس باسمي،
وكان اسمه: الغربة.
لست بنادمة على ذلك الحب الشقي.
فقد علمني المدعو "الغربة" أكثر من أي أستاذ آخر كيف
أكتب اسم الوطن بالنجوم على سبورة الليل.