هدية - فايز خضور
الجموح الذي كان يسكن في جسدينا.
قتيلاً أفاق.
وتلك الرياح الهجينة،
أنهت مراسيم دفن بقاياه،
منذ سنين...
فلا تشتمي الرمل.
لا تزعلي.
صار إرثك طفلين.
يحميهما زمن قاتم،
يا زليخة..!!
"الهجرة الدائمة"
أخفقت أن تكون لي:
نخلة، أو غيوم برتقال.
قلت: في الصيف ترحلين..
عندما الحزن ينجلي...
فالعصافير ما تزال،
بعد تهديم منزلي،
تزورني.
وتبثني في الظلال،
خصر جدران هيكلي
تشير ترغلاتها:
أمانة لديك هذه الرمال.
وتنحني،
يوم يحلو لها ارتحال...
"أغنية"
بيروت:
تفاح مهروس بالعجلات.
وألوف تحت الأنقاض تموت.
والأجساد نزيف يشبه دفع التوت:
دمع التوت الشامي.
بيروت.
أصبحت وقود الدبابات.
ورصاص القناصين الدامي.؟!.
يا مفتاح البحر، ورائحة الغابات.
يا قبراً يحضن أحلامي.
يا وطن "الروشة" يا بيروت.
يا جرح الثورة يا بيروت
بيروت... بيروت... بيروت.
"اغتيال"
عندما ودع أهله،
ولفيف الرفقاء.
كان في يمناه وردهْ.
وعلى الثغر الرمادي رفيف لابتسامهْ.
حذراً كان، ولم تسعفه نأمه.
خوف خوف الصبح من غدر المساء..!!
قال: بعد الفجر آتيكم.
فيا أمي افرشي
طراحة الصوف لأجلي،
غيِّري وجه المخدة.
كافر برد الشتاء...
***
أوصد الباب بيسراه وشده.
شاء يهمي دمعة الشوق، ولكن خنقتها الكبرياء.
***
غير أن الشمس ما وافته.. قبل الفجر جاء..!!
لم يكن يحمل وردهْ:
كان تابوتاً، وحمالين مبتلين دمعاً ودماء.
والرصاصات علامهْ..
"الوصيفة"
دائماً يبدأ الوحي، بالرعشة النبوية.
والأرض تنجز
دورتها الكاملهْ
أيها الوهم. رغم خواء الحكايات،
لما تزل شهرزاد- الوصيفة،
تجتر عقم الليالي الكئيبات،
مسلوبة،
وتصر على طقس ميلادها.
والرشيد تنحى لخصيانه.
تاركاً ملكه للرعاة.
وما عاد يهزأ بالغيم،
يومي بإصبعه:
"أمطري،
حيثما شئت.
لابد ريعك آت إلى جعبتي"
"جعبتي بيت مال الرعيهْ.."
أبهذا الرشيد تأخرت،
حتى علمت،
بان حياة البلاطات،
ليست سوى مهزلهْ:
دائماً يبدأ الحكم بالبطر السلطوي.
ولا بد من شهرزاد
-له-
جاهله..!!
"حوار"
"أتكتب شعراً بهذا الوله.؟"
-لأن الأحاديث تودي بأصحابها طي جبَّانة
مقفلهْ
"وموتك هذا الذي،
لن يمر بعصر،
أقل سلاح،
لدى حاكميه،
هو القنبله.؟!"
-لعل البكاء على العفو،
عن وجع الصلب،
أضحى مذلاً،
وضاع السبيل إلى الجلجلهْ.
"ترى لغة القتل غدراً،
تراءت لعينيك،
حلماً-يقيناً.
فغلقت بابك دون الرياحِ
وأرخيت عتم ستائر رؤياك،
درعاً كتيماً،
فجافاك ضوء التلهف،
للورد والسنبلهْ.؟!".
-كفى ثرثرات:
هو الذعر
-لو كنت تدرك-
ما أنذله..!!
"من دفتر محي الدين بن عربي"
مزقوا المقبل مني إرباً إرباً
لم أقل: واهاً، ولا آهاً وويه.
أيها الجاعل قتلي سبباً
لست أبكي منك. بل دمعي عليه.
إن تكن ظننت تلك الأربا
سترى شمسين في الحضن لديه.
وترى الثورة تمشي خبباً:
بعثها منه، ومنفاها إليه..!!
"المقتول قرحاً"
واعدته مساء، لتقتله تحت عري القمر.
أيها المستجير من الموت بالموت.
ما قلت لي كيف داهمتهم،
صدفة... ما أظن.؟
فعيناك لم تومئا بالوداع،
وثغرك ما ند عنه ابتسام،
ولا همهمهْ..!!
غير أن اختلاج خطاك اللهوفة للرهز،
كشف عن فاجع.
عاجزاً كان صمتك أن يكتمه.
إنه الليل عرس الشجر.
كم تمنيت من عمق آخك،
لو زهرة،
أو غراب حنون،
أتى ودعك:
دونما زغردات، ولا لعلعات رصاص
تقيأها الراقصون.
فضجت بكفيك نخوة زهو مهيب،
وكان قرار الرصاصة في الجمجمهْ
من ترى كان ميتاً معك.؟
إنها قتلتك، كما قتلته، كما قتلتهم.
وما حان وقت السفر.
إنني عاتب، عاتب. ويشاركني في العتاب،
المطر...
"مَنْ.؟"
هذي الطفلة من يحضنها ويداريها.؟
-ألمرحوم.
هذي الوردة من جَنَّانٌ يعنى بسقايتها وسواقيها.؟
-ألمرحوم.
هذي الأمة من يستشهد لكرامتها وأراضيها.؟
-ألشعب المحروم.
..................
محروماً كنت أو المرحوم
تبقى معنا، لون حياة لروابيها.
فمتى ننهي بؤساً- يوماً عشش فيها.؟
حتى يتآخى جمر المشمش بمواقدها الظمأى،
ونؤاخيها..!!