القرن الحادي والعشرون - فيصل خليل

لاشيءََ يَعِدُ بالدِّفء
حتى لو كان خيط دخان
وسط الثلج
الإنسان عند الظهر
ليس نفْسََهُ في الفجر
وأوَّلُ غصْن في الشجرة
آخرُ ما يصلُهُ الضَّوء
البراعمُ تتفتَّحُ كئيبةً
والزهور الحيَّة
تتحوَّل إلى طبيعة ناشفة
تفوح منها رائحة الأصباغ
ويعلق غِراؤها بالأصابع
والسهول الرَّحبة
تتجعَّد، وتًنْكمش
وتُشْهِر زواياها الحادَّة
في وجه مطر الربيع
والزَّمن، عبر النافذة،
مستنقعات على مَدِّ النَّظر
وفي السَّماء لا تلتقي العَين
بنجم، أو قمر
والكلمات الغاضبة
تلجأ إلى الحلم، والحكمة
كلما كدَّست السماء
طبقات العتمة
بعضها فوق بعض
القرن الحادي والعشرون
مولود بمزاج سيِّئ
حيثُ وصلتْ يدُهُ
انْكَسَرَ غصن
أو تحطَّمت مزْهريَّة
أوَ تمزَّق كتاب
أو انقطعَت أغنية
أو أُكِلَ بيدق
أو تعثَّر حصان
أو سَقَطَتْ قلعة
بالمطرقة
يرسم
مدارات الكآبة
ويبعثر الأوراق فوق الطاولة؛
على الأرض،
وفي الممرَّات
ولايترك مساحة صغيرة
للحلم، وتأمُّل الذَّات
يصطدم بجدار
ويسقط في حفرة
ومرة يتجه إلى اليمين
ومرة إلى اليسار
وسواس
أَرَق
وذِهان
مع كلِّ هذه المشاكل
يزعم القدرة على الرؤية
ويقف في التَّقاطعات
ويتسلَّى
باختبار توقيت جديد
للشَّارات الضَّوئيَّة
ويطلق النار
على الأرواح الحيَّة
ويتعلَّم الحساب
بِعَدِّ نبضات الهواء
ويُنشئ جداول
بالشَّهيق والزَّفير
ويُحصي عدد أكواب الغُبْن
اللازمة ليصيح أيُّ واحد:
لا
وهكذا يخرج على القانون
ويُصبح عشرة طيِّبة
أو تسعة كُبَّة
أو ثلاثة بستوني
وتبدأ لقطات المُطارَدَة:
لقطة بعين النّملة
لقرصان بَرَّمائي
وهو ينظر من فوق
لقطة بعيدة لهيروشيما
تفصيل لجِسر مُدَمَّر
أشلاء متطايرة
أصابع غارقة
في بِرَك الدِّماء
في القرن الحادي والعشرين
لايكفي أن تعرف
أنَّ الشجرة خضراء
وليست بنِّيَّة
وأنَّ البرتقالة مُدَوَّرة
وأنَّ الأحمر
يعني: قِفْ
والذَّهَب أصفر
وأزرق السماء
أفتح من أزرق البحر
والقمر بين النجوم
يعكس ضوْء الشمس
والدانيمارك مملكة
وليست جمهوريَّة
وإفريقيا مُهَدَّدَة بالإيدز
وآسيا بإعادة الصِّياغة
و مائة عام من العزْلة
رواية لماركيز
والعشق مُفْرَدَة صُوفيَّة
القرن الحادي والعشرون
قرن الرسائل المُشَفَّرة
فماذا يعني تناول الكافيار
على طاولة لينين
وتقديم رقصات الرُّوك
في حفل انتخاب ملكات الجمال
برعاية ماو
وعرْض مسلسل غوانْتَنَامو
تحت شُرفة كوبيَّة
وإضافة بضع ليالٍ
في أبوغريب
إلى ألف ليلة وليلة
وركوب عَرَبة
يجرُّها نصفُ عارٍ
في شوارع تايلاند؟
الهامش
تنضَمّ إليه قارَّة جديدة
ويحتلّ أربعة أخماس الصَّفحة
ومهندس واحد
يُبَشِّر بتنظيم البَرِّيَّة
وأسعار العملات
ترتفع وتنخفض
على إيقاع الهراوة
والملفَّات تُفتح وتُغلَق
قياساً إلى طول القامة
أو الوزن
أو اللون
أو طبقة الصَّوت
او مساحة الحنجرة
أو نوع الأغاني
والأناشيد المدرسيَّة
وأدوات المطبخ
أوطُرُق النِّداء
على القرنبيط والبازيلاَّء
أوعدد البراميل في اللوحة
نسبةً إلى كثافة الأقدام
ومساحات الرّؤية
وكُتَل الأوبئة
والفائض عن الحاجة
من البراغيث والجرذان
القرن الحادي والعشرون
حقيقةً،
هذا هو عمله اليوميّ؛
يومض من بعيد، و يزأر
ويبصق حفنات من الجحيم
على خصلات الأشجار
وضحكات البراري
ويطلق الدُّخان الأسود
وصرخات الاستغاثة
من النوافذ
المفتوحة على الأخضر
ويلقي النّكات القاتلة
ويبتكر طرقَ البَعْثَرَة
وأكثر ما يكره
أن يرى أجنحةً مرفرفة
وينتظر من الفارس
أن يمتطي عنزة
وينزل إلى السباق
ومن الورْدَة أن تنفصل
عن الغصن
ومن الغناء أن يرتفع
في قَفَص
ولايستطيع النوم
ما لم يملأْ رأْسَهُ
بآلاف اللّعَنَات
القرن الحادي والعشرون
قرن الإنذارات
من الدَّرجة الحمراء فما فوق
وعلى رأس كلّ ِساعة
من ساعات اليوم
يمنح عدسات المصوِّرين
رَشَقاتٍ مدْروسةً
على الحساب.