رقصة قد تكون الأخيرة - فيصل خليل

آسف يا بلادي
لستُ أملكُ غير الأسفْ
إنها رقصةٌ..
قد تكونُ الأخيرةَ
هل تسمحين بهذا الشَّرفْ ؟
***
آسفٌ يا بلادي
ربما كانَ لا يُتقنُ الرَّقصَ
تحت المظلاتِ
من كان يرقصُ تحت السَّعفْ
غير أنَّ المرانَ يعلّمُنا..
وستعتادُ أقدامُنا الخطوَ
فوقَ النُتف
***
آسفٌ يا بلادي..
إذا كان شيءَ من الطَّبعِ
يهتف بي :
لا تخفْ
ولماذا ؟
ألم ينته الأمرُ..
أمْ أنها فلذةٌ
من شجونِ السَّلفْ
***
ثمَّ ماذا..إذن يا بلادي..
إنّهمْ يعزفون على نغمةٍ
وأغنّي على نغمةٍ
فمن الحقُّ ،
هم ؟
أمْ أنا ؟
أيّ وادٍ يكونُ الصّوابْ
وأيُّ كتابْ
أيّ حبر أصدّقُ
حبرَ دميَ ؟
أم أصدقُ حبرْ السَّرابْ ؟
***
آسفٌ..يا بلادي
إنّها رقصة الرَّوحِ
قبل التَّلفْ
انظري كيف نستقبلُ الفاتحينْ
واحداً، واحداً..نتساقطُ..
ثمَّ غداً..بالمئينْ
ثمَّ ندخلُها جملةَ
( بسلامٍ )
كما نتوهَّمُ..
أم نحنُ أكثر من "طيبين"
لنصدّقَ..
أنّا سنصبح في ذلّنا (آمنينْ ) ؟
ويلَ أمَ السنين
كيف ما بين غمضةِ عينٍ
وبينَ إنتباهتها
تتبدَّلُ تلك الدّيارْ؛
هل وقفتَ على داثرٍ
أم بكيتَ على دارسٍ
أم قطعت العرارْ ؟
ويلَ أمّ السنين
كيفَ لم يبق في ربعنا من أحدْ
كيف ما كان جمجمة صارَ ساقاً !
وما كانَ جمراً همدْ !
ويلَ أمّ السنين
عامرٌ لم تعد عامراً
ومَعَدُّ التي طالما ركبتْ..
نزلت !
ونزارْ..
هيأت نفسها لتبيع البهار
ولمن ؟
للذين استباحوا البلدْ !
***
النّهارُ..
بماذا ستنبئنا أيُّهذا النهارْ
حنطةٌ ؟
أم شعيرْ ؟
وأرائكُ متكئون عليها
ستكونُ لنا
أم حصير
ليتَ أنكَ تخبرني
هل ستُرفع لي رايةٌ في السماءْ ؟
أو تنوِّرني
هل يكونُ أمامي نزالٌ جديدْ
أم زمانُ الهّزالِ انتهى
كي يجيء زمانُ العبيدْ !
أمْ كما كانَ سوف يكونْ
وسيعلو المنار حشدٌ من الشعراء
يطبخونَ الهواءْ
ويخيطون للسامعينَ الهباءْ ! ؟
النهارُ..
غدٌ مثل أمس ،
ويومٌ كغدْ
والذي كانَ مختبئاً..
سوفَ يظهرُ بعدْ..
***
النّهارُ..
بماذا ستنبئنا أبُّهذا العثار..
لا تقل : أنتَ لو شئت..
شئتُ..
ولكنًّهم لم يشاؤوا
لا تقل :
إن ( أردت الحياةَ. .
استجابَ القدر)
إنني قد أردتُ..
ولكنَّهُ قدرٌ حاذِقٌ
يستجيبُ على "كيفِهِ"
ويجيبُ على "كيفِهِ"
وعلى كيفِهِ..
لا يجيبْ
ويقولون :
إنّ التفاصيل واضحةٌ
والحقائقُ واضحةٌ !
والحقائقُ ( بيني وبينك )
لما تزلْ بعدُ
خلفَ الكواليس..
في المصبغةْ
لغةٌ ليس تفهمها الأدمغةْ !
***
آسفٌ يا بلادي..
هل أقولُ : النهارُ كثيرٌ علينا ؟
الدُّمى يستوي عندها الليلُ والصُّبحُ
والحُسنُ والقبحُ..
إنَّ الدُّمى لا تقومُ لأمرِ
وإنَّ الدُّمى لا تُخيَّرُ
ما بين صدرٍ وقبرِ..
النّهارُ كثيرٌ علينا
والغناءُ كثيرٌ علينا
وكثيرٌ علينا الكلامْ
نحنُ أبناءَ هذا الرُّكامْ..
***
آسفٌ يا بلادي
لم تكن رقصةً للتَّرفْ
إنّها رقصةٌ من بقايا الشغفْ
رقصةٌ في الميادينِ..
لا في الغرَفْ
إنّها رقصةٌ..
قد تكونُ الأخيرةَ
لكنِّها..
رقصةٌ للدَّمِ المُختطفْ