في طريقٍ لَمْ يَخُنَّا .. - قحطان بيرقدار

في طريقٍ لمْ يَخُنَّا‏
لم نَزَلْ نروي يَمامَ الصَّيفِ مِنَّا..‏
وَانْدِيَاحُ الحُلْمِ في أَرْجَاءِ مَنْفَانَا‏
يُثيرُ الأرضَ كي تَخْضرَّ جَنَّاتٍ..‏
كَأنَّا في صَميمِ المُدْهِشِ العَالي‏
رَمَتْنَا وردةُ الأقدارِ‏
وَاجْتَازتْ إلينا‏
مَا قَطَعْنَا مِنْ سِنِيِّ العُمْرِ..‏
ضَمَّتْنَا.. فَكُنَّا‏
مِنْ جديدٍ كوكَبَيْ حُبٍّ..‏
ونبكي عندما يَخْتَارُ عَنَّا‏
زَادَنَا الرُّوحيَّ..‏
لا نَقْوى على نَزْفِ النَّدى‏
فِي صُبْحِنَا الغافي على إِحْسَاسِنَا بالكونِ..‏
مَغْلُوبينَ صِرْنَا‏
منذُ أَنْ مِلْنَا مَعَ الرَّيحانِ فِي الوجْدانِ..‏
هذا صوتُنا الواهي‏
ونَحْمي دائماً حُلْماً تَجَلَّى بينَنا‏
جِسْماً ورُوحَاً..‏
وَانتهى عهدٌ منَ الإعصارِ والنَّجْوَى‏
ونَقْرِ الصُّدْفَةِ الحَمْرَاءِ‏
فَوقَ الشَّهْوةِ الْمُلْقَاةِ فَوقَ الرِّيحِ..‏
خُنَّا حينَهَا مَا نحنُ فيهِ الآنَ‏
مِنْ تَوْحيدِ رُوحَيْنَا على ذاتِ السَّجَايا..‏
وانتهى عَهْدٌ منَ الآتي..‏
كأنِّي قَدْ فقدتُ الخوفَ مِنْ ظِلِّي‏
أمامَ الشَّمْسِ..‏
ما معنى صَلاَتي‏
فوقَ ما أَذْرُوهُ مِنْ شَوْقيْ‏
على أَلْطَافِكِ السَّمْراءِ‏
شِعْرَاً يُرْعِشُ الأَعصابَ‏
يَغْشَى صَوْمَنَا العاري أمامَ اللهِ..‏
صَيْفَاً عابثَ النيرانِ‏
يُدْلي دَلْوَهُ بالجَمْرِ في أَوْصَالِنَا..‏
ضَعْفاً يُضَاهي قُوَّةَ الحُرِّ الذي كُنَّاهُ..‏
ما زلنا نُسَوِّي مَهْدَنا‏
لِلعالَمِ المفتوحِ للأنوارِ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ..‏
الغيمةُ اشتاقتْ خُطَانَا‏
فَلْنَسِرْ فِي ظِلِّها دَهْراً وَدَهْرَاً‏
رَيثما نَحْظَى بِتَفْسِيرٍ‏
لِمَا يَجْرِي مِنَ الأنهارِ‏
فِي أرضٍ يُرِينَا جَوْفُها‏
أَصْلاً لِخَفْقِ الجُوعِ فِي أحداقِنَا‏
منذُ احْتِدامِ الحُبِّ فِي أرواحِنَا الأُولى..‏
جَهِلْنَا ما رَأَيْنَا غالباً‏
حَتَّى أَضَعْنَا كَنْزَنَا الْمَخْبُوءَ‏
فِي أبعادِنا العَطْشَى لنا..‏
ماذا نُريدُ الآنَ مِنَّا؟!‏
حَسْبُنَا ما نحنُ فيهِ الآنَ‏
مِنْ سَكْبِ الأماني في أباريقِ المَرارْ..‏
رُبَّما عِشْنَا الدَّمَارْ‏
في سُويعاتِ انهمارِ اليأسِ فوقَ النَّبْضِ‏
لكنْ كُلَّما اشتدَّ احتضارٌ بينَنا‏
انسابتْ على المرآةِ رُوحٌ‏
أينعتْ فيها الثِّمَارْ..‏
وَاحْتَوتْنَا‏
هَالةٌ مِنْ فَيْضِ مَا نَحْوي مِنَ الأقمارِ..‏
لَمَّتْنَا أيادي حُبِّنَا لِلهِ..‏
نَهْمِي بعدَها غيثاً علينا‏
باعِثَيْ خِصْبٍ..‏
فَضَاءَيْ نعمةٍ..‏
نَرْوي يَمَامَ الصيفِ مِنَّا‏
كُلَّما اشتدَّ احْتِضَارْ..‏
حَسْبُنَا هَذا..‏
سنبكي عندما نُلْغي مِنَ الآيامِ‏
نيروزَ الحكايَهْ..‏
عندما نَغْتَالُ عُصْفُورَ البدايَهْ..‏
عندما نَسْعَى بأيدينا إلى وَحْشِ النهايَهْ..‏
دَثِّرِيْني‏
كُلَّما لاَقَيْتِ بي ظِلاَّ غريباً‏
أو ملاكاً..‏
دَثِّرِي قُبْحي‏
بِقِطْعٍ مِنْ نشيدِ الحُبِّ..‏
ما أَعْلاَكِ إِذْ تُلْقِينَ فوقي‏
مِنْ حريرِ البَدْرِ سِتْرَاً‏
يَمْنَعُ الأشواكَ عَنِّي‏
كُلَّما في رِحْلَةِ الآثامِ‏
جَاسَتْ خُطْوَتي..‏
قَدْ صَارَ لي مَأْوىً ظَنَنْتُ..‏
الآنَ رُدِّيني إليكِ..‏
الآنَ رُدِّيني إليَّ..‏
الغيمةُ اشتاقتْ خُطَانَا‏
فَلْنَجِدْ مَا ذَابَ مِنَّا‏
فِي طريقٍ لمْ يَخُنَّا!..‏