كلاَنا مُسَافر .. - قحطان بيرقدار

كلانا مُسافرْ..
كلانا عنِ الشَّامِ صارَ بعيداً
كلانا برغْمِ الدموعِ يُكَابرْ..
وأيلولُ في الشّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ...
*
كلانا يموتُ ويحيا مراراً
وليسَ يعودُ.. وليسَ يُبَادِرْ..
ليبقى مُسافرْ..
كلانا يَئِنُّ..
كلانا يَحِنُّ..
كلانا بِأَوْجِ الشَّبابِ يُقَامِرْ..
وأيلولُ في الشّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ..
*
كلانا يُحسُّ النَّهارَ دُهُوراً
وفي الليلِ يَقْطَعُ بعدَ عُروقِ يديهِ
عُروقَ الستائرْ..
كلانا يَسيرُ لغيرِ سبيلٍ
كلانا يُغَامرْ..
وأيلولُ في الشَّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ...
*
كلانا تَعلَّمَ دَرْسَاً عظيماً ..
بأنَّ الحياةَ بغيرِ حبيبٍ حياةُ مَخَاطرْ..
وأنَّ الزمانَ الجميلَ قصيرٌ
وليسَ يجيءُ بِأَمْرٍ وآمِرْ..
كلانا تَحطَّمَ بعدَ الفراقِ
وصارَ يعيشُ الحياةَ كَخَاسِرْ..
كلانا تبعثرَ في الأرضِ قَهْراً
وراحَ يُسَافرْ..
وأيلولُ في الشَّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ..
*
على شَاطئِ البحرِ كنتُ أَسيرُ
وفي القَلْبِ جُرْحٌ..
وفي البَالِ خَاطِرْ..
وكنتُ أُراقبُ شمسَ الغُروبِ
وكيفَ تَذُوبُ رُويداً رُويداً...
وتَسْقُطُ في الماءِ مثلَ سُقُوطِ السعادةِ مِنِّي،
ومثلَ سُقُوطِ البشائرْ..
جلستُ على الرملِ بَعْدَ انهياري
تحدَّثْتُ للبحرِ عَنْ كُلِّ خاطرْ...
وفُوجِئْتُ بعدَ هُبوطِ الظلام
بأيلولَ يأتي ويجلسُ قُرْبي
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ...
*
كلانا منَ الشوقِ راحَ يُسَافرْ..
وشوقُ المُحبِّينَ أيضاً يُسافرْ
كلانا منَ الحُزْنِ راحَ يُغَامرْ..
وحُزْنُ المُحبِّينَ أيضاً يُغَامرْ
فكيفَ نُسَافِرْ؟
وكيفَ نُغامرْ؟
وكيفَ نظلُّ على الأرضِ جَرْحَى
وفينا تَغُوصُ نُصُولُ الخناجِرْ؟..
لديَّ اقتراحٌ يُريحُ كلينا..
نعودُ إلى الشّامِ حيثُ التقينا..
نعودُ ونبعثُ نورَ التألُّقِ منْ مُقْلتينا..
ونَنْسى زَماناً منَ العُمْرِ عاثِرْ..
ونَحْضُنُ أيلولَ بعدَ الغِيَاب
ونبكي ونذرفُ أحلى المشاعرْ..