وَنَذْكُرُ دائماً حُلُماً وَهَى .. - قحطان بيرقدار

ما أنتِ إلاَّ أنتِ..
ما بيني وبينَ الصَّمْتِ..
فانتظري الغريبَ المُسْتَقِرَّ
على غَمَامِ الانتظارِ..
لعلَّهُ يأتي قريباً أو بعيداً
عَلَّهُ يأتي معَ المطرِ الذي غَسَلَ المدينةَ
والمُحبِّينَ الذينَ تَهَيَّؤُوا في يومِهمْ هذا
المُرصَّعِ بِالزُّهُور لِشُعْلَةٍ
في الروحِ أو في الجِسْمِ
حتّى المُنْتَهَى....
* * *
ما أنتِ إلاَّ ما زَهَا
في هذهِ الدنيا كما يَزْهُو الربيعُ
على الشتاءِ... على الخريفِ
ومثلما تَزْهُو قصائدُ شاعرٍ أَحْبَبْتُهُ جِدَّاً
على كُلِّ القصائدِ..
قبلَ ميلادي وُجدْتِ..
وبعدَ ميلادي وُجدْتِ..
وتُوجدينَ... وتُوجدينَ..
لَعلَّهُ يأتي إليكِ وأنتِ وحدَكِ
في المساءِ تُحَدِّثينَ الريحَ
عَنْ بعضِ العُيونِ المُسْتَعِدَّةِ
لِلدُّنُوِّ منَ الشُّعُورِ..
لعلَّنا نأتي إلينا ذاتَ يومٍ
قانِعين بِضَعْفِنَا جدَّاً أمامَ المُشْتَهى!...
* * *
ماذا دَهَا
قلبي ـ وعيدُ الحُبِّ يَجْمَعُنِي بِأَيْلُوليَّةٍ مثلي ـ
لِيَخْلَعَ مِعْطَفي عنِّي وَيَطْرَحَهُ عليها
في حَدِيْقَتِنَا الجريحةِ مِثْلَنَا...
والجُرْحُ آلمَنَا جميعاً
حينَ داهَمَنا المَطَرْ..
ما كانَ في نَفْسي سوى التَّعبيرِ عَنْ أَنِّي
طبيعيٌّ بهذا اليومِ
كي لا أُحْزِنَ العَسَلَ الذي في مُقْلَتيهَا
وردةٌ حمراءُ في كَفِّي كَكُلِّ العاشقينَ
وقُبْلَتي كانتْ سَفَرْ !...
أَرْضَيتُها كي لا تُحِسَّ بأنَّني
ما زلتُ في أيلولَ أَسبحُ قُرْبَ شَاطِئِهِ
المُعَطَّرِ بالعَذَارى
لَيْتَني أَفْنَى وَأُولَدُ مِنْ جَديدٍ في سِوى أيلولَ
منْ هذا الزمانِ الراحلِ المُشْتَاقِ لِلْـ مَا بَعْد...
أَذْكُرهَا وَتَذْكُرُني ونَذْكُرُ دائماً
حُلُماً وَهَى..
* * *
نَاهٍ... نَهَى...
وأنا انتهيتُ وما انتهى
عَنْ حُبِّها رَجُلٌ يُكَنَّى بِاسْمِهَا...
كانتْ بُثينةُ يا جميلُ حبيبةَ العُمُرِ
الذي ضَيَّعْتَهُ...
خَضَعتْ لِقَهْرِ الظالمينَ
تَزَوَّجَتْ مِمَّنْ أَرادُوا...
لا تَقُلْ إنَّ الهوى مازالَ فيها
إنَّها في لحظةٍ تَهواهُ
حتّى آخِرِ الدَّرَجَاتِ في مِقْياسِ عينيهَا..
غَبيٌّ أنتَ إنْ أَهْدَيْتَهَا شيئاً
بِعيدِ الحُبِّ... أو قَبَّلْتَها..
ارْجِعْ لأَيْلُوليَّةٍ تُعطيكَ عينيها بِكَفَّيْها
وتُعطيْكَ الأُمُومَةَ...
ما تُريدُ سِوى الأُمُوْمَةِ ؟!
إنَّني منْ غيرِ أُمِّي لا أَعيشُ لأنَّني
أَتَنفَّسُ الأنفاسَ منْ أَنْفَاسِهَا،
نَفْسي تُنَافِسُ كُلَّ نَفْسٍ في نَفَاسَتِها،
ويُنْسَفُ دائماً فَرَحي بشَعْرٍ أَشْقَرٍ
طَاردْتُهُ حتّى فقدتُ تَوازُني العَقْلِيَّ
أحياناً وقالُوا: قَدْ سَهَا!..
* * *
وأَتَتْ نُهى..
يوماً لِتَلْقَانِي ولكنْ لمْ تَجِدْني
كانَ ذلكَ في شتاءٍ قَدْ مَضَى..
وأنا مَضَيْتُ وأنتَ يا مِسْكينَها!...
والآنَ لي شِعْري وليلي والسجائرُ
والتي ما زلتُ أَلْقَاها لأُطْفِئَ حُزْنَهَا...
وهُناكَ أيضاً مَنْ أَخافُ حنينَها..
وهُنَاكَ أيضاً مَنْ أَخافُ جُنُونَها..
ما أنتِ إلاَّ أنتِ..
ما بيني وبينَ الموتِ يا عُنْوانَهَا!
ما كانَ في نَفْسي سوى التعبيرِ عَنْ أَنِّي
طبيعيٌّ بهذا اليومِ..
كي لا أُفْسِدَ الزَّهْرَ الذي في وَجْنَتَيْهَا..
وَرْدَةٌ خَرْسَاءُ في كَفِّي كَبعْضِ العاشقينَ..
وقُبْلَتي كانتْ تُفَتِّشُ عَنْ نُهَى!..
يا ليتَنا نأتي إلينا ذاتَ يومٍ
قَانِعين بِضَعْفِنَا جِدَّاً أمامَ المُشْتَهَى....