طاولات باردة - لقمان ديركي

الذين كانوا يتمنون لنا الخير
و يسألوننا عن الصحة و الأهل و الدراسة
الذين كانوا يصافحوننا بملء أكفهم
و على شفاههم ود عميق
الذين وقفوا على أبواب القرى
و هم يودعوننا بحرارة
تجاهلناهم في المدن الكبرى
و اختبأنا منهم في زحام البشر
الذين افتخروا بنا
و سَموا أولادهم بأسمائنا
الذين أرسلو تحياتهم لنا
على شفاه أشخاص عابرين
و حكوا للجيران الجدد عنا
لم يتذكرهم أطفالنا
و لم نجد الوقت الكافي كي نذكَرهم
الذين علّقوا صورنا
في صدور بيوتهم
و خبأوا قصاصات رسائلنا و الورود
في كتب أطفالهم المدرسية
الذين دافعوا عنا أمام الآخرين
و اهترأت أصابعهم و هم يدوندون مآثرنا
الذين وصلت الدماء لرؤوسهم
و كسَّروا الكراسي على رؤوس من استغابنا
كيف نسيناهم هكذا
يجفُّون في المقاهي
خلف طاولات باردة و مظلمة
المرأة الصغيرة
التي تشاجرنا من أجلها طويلاً
و لكمَ بعضُنا الآخر
حتى سالت الدماء من أنوفنا
المرأة التي نمنا في شارع بيتها مراراً
و نحن ننتظر إطلالتها الصباحية
المرأة الصغيرة ..ذاتها
بعد عشرة أعوام
مرت بجانبنا و لم ننتبه
الخزانة 5 التي أودعنا فيها رسائلنا
و شتائمنا للأساتذة
خزانتي في المعهد و قد ملأناها بالصور و اللوحات
و أدوات التمثيل
الخزانة التي نسينا صورنا و اسمائنا داخلها
و خلعناها مراراً كلما أضعنا مفتاحها الصغير
افتحها برفق أيها التلميذ الذي سيأتي بعدي
لا تنزع الصور عنها
و لا تشطب فوق اسمائنا
افتحها برفق و هدوء
كي لا تزعج جثتي النحيلة في الداخل
أيتها الشوارع الضيقة في باب توما
أيتها الأدراج الحجرية إلى الغرفة
أيتها الكنيسة في بداية الطريق
أيتها الأجراس
ليس لي بعد الآن أن ألصق ظهري بالحائط
كي تمر سيارة في الشارع الضيق
و ليس لي أن استيقظ صباح الأحد
على صوت الأجراس
ليس لي أن أعد مريانا الصغيرة بقصة مصورة
و ليس لها أن ترمي أعقاب السجائر إلى الغرفة
إنني حزين أيتها الغرفة
و أشد ما في حزناً " علاقة مفاتيحي " و قد خسرتُ مفتاحك الذهبي .