لو أنكَ لم تمت الآن - لقمان ديركي

لو أنكَ لم تمت الآن
لكنتُ سأكتب لك رسالة
وأقول
حياتي مظلمة
وأحياناً حلوة
لو أنك لم تمت الآن
لكنت سأكتب
أنت صديق بلا مناسبة
وأنّ أمك تحبك
كما تحبني أمي
وتخاف عليك
ولكن..
لو أنكَ لم تمت الآن
لقلت
إنك مثلي
ولكن أرق
وأقل خبثاً
وإنني متردد وعنيد
وهش مثلك
وكنت سأقول أريد أن أموت
حظي من البشر مثل حظك
ولو أنكَ لم تمت الآن
لما تألمت
وما تكسّرت أعماقي
وما فكرت أن هناك منْ مثلي
سيتألم لموتي
لو أنكَ لم تمت الآن
دمشق 8/8/1995
أن تخرج من البيت مسرعا
وأنت ترتدي أخر قطعة من ثيابك
وتحشر قدمك في الحذاء
أن لا تتذكر لفرط عجلتك
إن كنت أغلقت الباب خلفك
كي تمضي إلى لقاء لن يتم
حيث لا أحد ينتظركَ
ولا أحد يكسر قلق وقوفك الطويل
أن تفكر أن لا أحد يستحق
أن تخرج من أجله صباحاً
دون أن تشرب قهوتك
دمشق 15/8/1995
تقسين ويعلو صوتكِ
تتأخرين في القدوم
وأحياناً لا تأتين
لأنك تظنين أن قلبي حجر
يخفُّ كلامك الجميل
وتقل ابتسامتكِ
وتفكرين بالمضي
بل إنكِ الآن تمضين
لأنك تظنين أن قلبي حجر
دون أن تنتبهي أنه يتفتت الآن
دمشق 10/9/1995
الذين مضوا
الرسائل التي وصلت منهم
ولم أجد الوقت الكافي لأرد
الرسائل الضائعة
والعناوين الغامضة
لأشخاص داسوا على كرامتهم
وكتبوا لعشرات المرات
دون أن يصلهم جواب
ولكنهم مازالوا كما كانوا
في الشوارع أو البارات
يكتبون لنا
ويشددون أن نكتب العنوان جيداً
لأن رسائلنا لا تصل
دمشق 1/9/1995
في الظلمة
وسط هواء بارد
أخذتَ مني كل شيء
ومضيت أيضاً
تحت أوراق صفراء
وقمرٍ منكسر
كنتُ أناديك
أخذتََ معك كل شيء وتركتني وحيداً
في الظلمة
وأمام نهر مسرع
تحت المطر
وبين ريح قاسية
فوق قمة شاهقة
أخذت نفسكَ مني
وتركتني للذئاب
وحيداً وعارياً
دمشق 13/5/1995
كيف لي أن أحظى بصديق مثلك
في هذه الأماكن
حيث لا شيء سوى ماء راكد
وأحاديث مملة
يا صديقي أندرونيك
الذي دافع عن فتاة عابرة
في أحد شوارع موسكو
ها إنني أنتظر قدوم الصديق من سهرته
أمام باب بيته الموصد
ها إنني أنتظر
يا صديقي أندرونيك
الذي ينتظرني
على أبواب مطار موسكو
كل صباح
دمشق 9/6/1995
لأن العرس لم يكن مبهجاً
والأم لم تبتسم لقدومك
لأن الأخوات لم ينتبهن لوجودك
وأولاد الأخت لم يركضوا إليك ضاحكين
خرجتَ وفكّرت
ربما لأنك عنيد
عناد قصة حب يحاربها الجميع
دمشق 3/7/1995
في وقت متأخر الليلة
أنتظر عودتك أمام باب بيتكِ
وأخاف
أخاف أن أرى شخصاً يوصلكِ
أو يداً غريبة تصافحك
أمام الباب وتختفي
أخاف
أن أراكِ تهبطين من سيارة فارهة
وعلى وجهكِ ابتسامة رضا
أمام باب بيتكِ
وبقلب مرتجفٍ أنتظر عودتكِ
خائفاً من ثقل المفاجأة
ولكن كم سأكون حزيناً
إذا لمحتك تظهرين وحيدة
من بداية شارع بيتكم الطويل
دمشق 12/3/1995
أيها الشخص الذي طرق بابي خطأً
دع لي عنوانك
كي آتي يوماً
وأطرق بابك
فربما يرقص قلبك فرحاً
وتعود روحك إليك
ربما تستفيق من أساك ووحشتك
وأنت تجلس وحيداً وحزيناً
ربما يدخل الأمل إلى قلبك
ولو للحظات
دمشق 20/12/1994
ستوقظك عتمة البيت
وسترين كل شيء
وقتها سأكون معكِ
في كل مكان من العتمة
ولن تستطيعي لمسي
شعركِ صار أطول
وذنوبي أيضاً
لأنك جميلة معي ودوني
موحش ترددي
موحشة أيامي السوداء
وهي تغّيبُ ألوانك الزاهية
أعطيكِ مرضي وتسكعي
وجيوبي الخاوية
ويأخذ سواكِ صحتي
ونضارة الأيام والمرح
كم كنتُ حزيناً معكِ فأحببتني
وكم كنتِ ستحبين مرحي
دمشق 16/2/1995
روحي رقيقة وهشة
لا تحتمل أخطاء هذا الجسد
ولا فظاظة الآخرين
لو أموت .. فأرتاح
ولكن روحي ستئن تحت وطأة أرواح الآخرين
دمشق 3/7/1995
ألن أبقى للحظة وحدي
ألن أجلس لساعات دون أن أنتظر أحداً
ألن يتوقف قلبي عن المشاعر
كي أستريح
كي أستمتع بصوت طرقاتكِ على الباب
وأنا أعرف أن لا رغبة لي بالنهوض لأفتح
دمشق 23/7/1995
لم يعد هناك ما له ضرروة
ثيابي متسخة
ودفاتري مليئة
كل شيء ركام
البزق في الزاوية بلا أوتار
وامرأتي بلا مشاعر
دمشق 24/7/1995
يأسي عليكِ
هو يأسي منكِ
وضجري ووحشتي
قلبي الذي يتألم عليكِ
ويحرسكِ من الشر
ويحمي روحكِ من كراهيتي
تمشي عقارب الساعة على عنقي
بطيئةً وحادة
بلا كيان
بلا هواء
بلا أم كل صباح
بلا أب وأخوة على الغداء
وحيداً أمام مرآة مكسرة
هذا الاستيقاظ المبكر
والماء البارد على الوجه
والعطور على الجسد تمضي سدى
لأنك لا تأتين
أقتلُ بيدٍ باردة ومظلمة
ولكن
عندما أسمع صوت خطواتكِ على الدرج
أحبكِ
أحبكِ واقول
يا الله كم تحبيني
كيف قطعت كل هذه المسافة
من أجلي
دمشق 26/7/1995
امنحيني بعض الوقت
إذا كنتِ ستمضين
بعض الوقت
كي ألم أوراقي كلها من حياتكِ
كي أعرف الفرق بين ألم الخيبة وألم الحب
بعض الوقت
لأتذكر أصدقائي الذين نسيتهم وأنا معكِ
أو لأردَّ على رسالة منسية على طاولتي
لأعرف إذا كنتُ سأبقى وحيداً حقاً
وفي أي مكان
بعض الوقت
كي أعرف الوقت الذي أحببتكِ فيه
والذي كرهتكِ فيه
والذي بلا مشاعر
بعض الوقت
كي تكون النهاية حاسمة
لا يخالطها الألم عند ارتياد مكانٍ كنا فيه معاً
ذات يوم
أو عند اللقاء بصديق مشترك
عند صورةٍ لوجهكِ على كتفي
أو قطعة من زينتكِ منسية في حقيبتي
واخرجي بعدها من حياتي
كما دخلتها
بعناد وإصرار
ولكن امنحيني بعض الوقت
لأجد مشجباً واحداً
أعلق عليه ثيابي آخر الليل
دون أن أشمَّ فيه رائحة ثيابكِ
دمشق 7/8/1995