بالمطر أحياناً وبالحب دائماً - محمد الماغوط

أيها الوطن العاقّ
تعرف كيف كنت وكيف أصبحت على يدي
كنت مصدوراً
فعالجتك وقضيت على سعالك إلى الأبد
بالموسيقى وتغريد الطيور
كنت قذراً
فغسلتك سبع مراب كالكعبة
وجففتك بالسجع والمعلقات
وحتى لا تعطش بنيت سد مأرب وأسوان والفرات
وحتى لا تجوع بنيت العنابر والاهراءات
فوق الأرض وتحتها
وحتى لا تتشرد
بنيت لكل دجاجة قناً مهيباً كالعرين
ولكل غانية مذبحاً ومعبد تكفير
علمت غيومك آداب الهطول
وكلابك الشك بكل قريب
وقططك الغادرة الوفاء لكل غريب
وجيادك الصهيل والحمحمة في زمن الحرب والسلم
ووحولك الابتعاد عن طريق العشاق
وغبارك التردد أمام أعين الأطفال
والسكارى قواعد الترنح والهذيان
وغربانك تقاليد ومواعيد النعيب
وقطعانك عدم التدافع في الذهاب والإياب
من الحقول والحشائش في أفواهها
حفاظاً على كرامة عابري السبيل.