إسرَاء - محمد جلال قضيماتي

... وبعد انحسار المسافاتِ
بيني وبينَكِ
جئتُكِ
عيناكِ دربي
وحبُّكِ
بعضُ الذي أتمنّى
وقربُكِ
لا أتسامى إليهِ
ولكنْ..
وئيداً
أُحِسُّكِ ملءَ كياني
وكلَّ الذي سرَّبَتْهُ الحياةُ إليَّ
فكنتِ ملاذي
وقد أَعملَ الدهر فيَّ انطفائي
فسارعتُ نحوَكِ
أنهلُ منكِ الرجاءَ
وأعلمُ
أنَّكِ تَوْقي
وقد فاضَ في عمريَ الشوقُ
لكنْ...
أراكِ
وفي البعدِ والقربِ
أسْرُبُ في جانِحَيْكِ
رويداً..
رويداً..
وأقفو خطايَ إليكِ
فألقاكِ
فاتحةَ العمرِ
خاتمةَ التَّوقِ
والإنتظارْ
أَفيءُ إليكِ
وللدَّربِ سانحةٌ
أستعيذُ بها من رجائي
فهل تعلمينَ
بأنّي
وإيَّاكِ
والنُّعميَاتُ
أشَرِّعُ كلَ البيارقِ
أجثو على المنهلِ العذبِ
أسألهُ الوِرْدَ
لا تكتمي
ساعةَ البوحِ
جائحةً
في فؤاديَ
أسْرَتْ إليكِ
فكنتِ
وكانت مغانيكِ
دربي
ولقياكِ
آخرَ ما أستحثُّ إليهِ مدايَ.
وأعلمُ
أنّي أطوفُ بدنياكِ
أحلمُ
لكنَّ حلمي
يسائلُكِ اليومَ
هل تَبْرمَينَ
برؤياهُ
أم أنَّكِ اليومَ
ساريةٌ بي
نحو دنيا
أسافرُها
وفؤادي لديكِ
يحطُّ على ذكرياتٍ
إذا شئتُ أطوي رؤاها
يسارعني نحوكِ العمرُ
يَنْهَدُ بي إثْر دنيا
أراكِ
فتنهار دونَ مداها
مدارجُ
كانت تريد اللقاءَ
فاغفتْ
على شرفات المدارْ..؟
أسائلُكِ اليومَ
-سَيِّدةَ الحلمِ..!-
مدِّي
بعالَمي الأفقَ
وانتشري
في صعيدِ رؤايَ
اخضراراً
أما آنَ للتَّوقِ
أن يستريحَ
على شرفات الخيالِ
فقد طالَ بي الدربُ
لا تسأليني:
لماذا أسيرُ.؟
وأين أسيرُ؟
ولكنْ
أجيبي فؤادي:
لماذا
عيونُكِ
إن طالها الشَّوقُ
تكتُم تَوقاً
تحاولُ
أن ترسمَ البعدَ
بين رؤانا..؟
لماذا
ودونَكِ من عالمي الرحْبِ
أفقٌ
تسامى
يريدكِ أن تَقرئيهِ
على جانحِ الومضِ
سِفْراً
يبوحُ بما خَبَّأَتْهُ العيونُ
لتعلنَ
أن الطريقَ
وإن كان صعباً
فإنَّا
إليه سنُفضي
أسيرَيْنِ
نَعْمُرُ بالحبِّ روحاً
تمطَّى لديها العذابُ
فأغفتْ
تسائلهُ الوحيَ
تندى
وقد جَفّ فيها
النَّدى
والنُّضارْ.؟
أحبُّكِ
فاستقبلي البوحَ
واستعذبي الوصلَ
إني أراكِ
بقلبي
بروحي
بكلِّ الجوانحِ
فانسي بأنّي
وقد جئتُ وحدي
أريدُكِ
ظلاًّ لروحي
مداراً لقلبي
فكوني
لروحي الظلالَ
وكوني
لقلبي المدارَ
وإلاّ..
فكوني انطفائي
وكوني مدى الصمتِ
أبْحِرُ فيهِ
وأغرقُ..
أغرقُ..
حتى القرارْ
إليكِ..
وقد سارع القلبُ سَيْرَهُ
أدنو
بكلِّ انتمائي
بكلِّ انكفائي
فأزهَدُ فيكِ وجودي
وحين أحِّدقُ
في موج عينيكِ
أبصرُ ذاتي
تعاند كلَّ المواجدِ
تمضي..
كما الطيفُ.. حيرى
تعانق دربَ الحياةِ
وترمي إلى الغد حلماً
تُؤَنِّقُ فيه المصيرَ
وتحضنُهُ شَغَفَاً
ثم تُؤوي
لديهِ البقيَّةَ
من حلمها العذبِ
حتى تعودَ
-كما البدءُ-
نشوى
تسافر في الحلمِ
تسكن في الحلمِ
كالدِّر في ردهات المحارْ
فهاتي يديكِ
نرودُ الفضاءَ
امنحيني البقاءَ
ولا تحسبي أنَّ دربي
يكونُ
إذا لم يكن فيهِ
طيفٌ لحبكِ
يمنحني العمرَ
حتى أكونَ
-كما تأذنينَ-
طيوفَ رجاءٍ
بروجَ انتظارْ
وحين اللقاءِ
بروحِكِ أسري
بروحيَ تسَرْينَ
حتَّى تَلاقى رؤانا
على سدرة الوصلِ
نكتب في قدسِ عالمها العمرَ
إنَّا التقينا
وآنَ التقينا
نسينا الزمانَ
نسينا الأوانَ
وعدنا
إلى عالم الحبِّ
نعنو لديهِ
ونشهد في عارضَيهِ الحياةَ
فننسى :
بأنّا اغتربنا
وأنّا رجعنا
وفي توقنا التّوقُ
يقضي على مايشاءُ الحصارْ؟