المدارُ المستحيل - محمد جلال قضيماتي

آتٍ
وقلبي في يمينِكِ
مستريحاً
يسأل الطَّرْفَ الكليلَ
متى اللقاءُ
على شعاب المستحيلْ؟
أستافُ ريحَكِ
من هدير الصمتِ
يعلنُ
أنّ في قلبي وقلبكِ
واحةً
تمتدُّ
آسرةً مجالي الوجدِ
موقِظَةً
بقايا ما تحمِّلنا المواجدُ
من سكونِ الحبِّ
آنَ يُغيِّبُ الزمنُ المسافرُ
كلَّ ما كنّا نعاني
من سُباتِ الروحِ
في السفر الطويلْ
لا توقظي فيَّ الكوامنَ
حاذري
إن أنتِ أرهقتِ المسافةَ
أن تغادرَنا المشاعرُ
نحو أصقاع التوجُّسِ
أن تحوِّلَنا طيوراً
غادرت قبلَ الشتاءِ
عشاشها
فتغرَّبَتْ حيرى
تسائلُ دربَها
عن عمرها المسكونِ
بالشوق المهاجرِ
في دروبٍ
لا ترى فيها سوى
ما خَطَّهُ الشَّفَقُ المدمَّى
في مفازات الرحيلْ
وتوسَّدي
قلبَ المتيَّمِ
آنَ يعتصرُ الكرومَ
مدامةً
من ضَوْعِ وصلِكِ
تُسكِرُ المأخوذَ
من سحرِ العيونِ
لعلَّهُ
يصحو على لقياكِ
مشتاقاً
إلى زمنٍ
يراكِ..
هناكَ.. في أعطافِهِ
حلماً
وسلوى
واكتبي
في دارةِ القلبِ الحزينِ
ملاحِنَ التَّوقِ المغرِّدِ
في متاهات الحنينْ
يا رعشةَ الروحِ الشغوفةِ.!
حدِّقي
فيما تخطُّ العينُ
من لغةِ السكونِ
حروفُها..
قلبي
وقلبُكِ
سحرُها..
ما تلهمُ الأشواقُ من بوحٍ
وما تعنو إليه الآهُ
من ألم دفينْ
ولأنني
في درب عمرِكِ آيةٌ
ولأنَّ دربَكِ
في ضلوع العمرِ
سيرةُ مُغْرَمٍ
أعنو إليكِ
مكبَّلاً
بالشوقِ
بالخوف المباغِتِ خطوةً
تمضي إليكِ كليلةً
وتموج بالآمالِ
إذ تَلقى لديكِ هنيهةً
مكتوبةً
لا بالمشاعرِ
إنّما:
بالصمت
بالرعشاتِ
بالخفق الجموحِ
لعلَّ ما ترجو لديكِ
تراهُ
منقوشاً على حِقَبِ السنينْ
وهناك روحانِ
استظلَّ هواهما
أملَ اللقاءِ
وحينما
أغوى الزمانُ رؤاهُما
ضاقتْ بأفقهما الرؤى
فتعانقتْ
سَكَناتُ ظلِّهما
وضاعت
في مدى جنات حلمِهما
الحقيقةُ
وانتهى بهما المطافُ
على دروب الخالدينْ
وتدثَّري
ظِلَّ اللقاءِ
فإنّ في قلبي ظلالاً
لا تفيءُ
سوى إليكِ
ولا تكونُ
سوى لتعلنَ
أن سُكنى القلبِ
ما كانت لغيركِ
واقرئي
عمري على سِفْرِ الزمانِ
لتعلمي
أنّي إليكِ
وأنّ أحلامي لديكِ
وإنْ مررتِ غريبةً قربي
رأيتِ بكوثر الأحلامِ
صورةَ عمريَ المسكونِ فيكِ
فآثري
بوحَ الشعورِ
وها أنا
ألقى بدربكِ غايتي
وأرى الهوى
يغريكِ
أو تغرينَهُ
بالصمتِ
لكنّي
وفي عينيكِ ألقى جنَّتي
وأراكِ حلماً
ما يغادرني
لأنَّكِ تُقْبلينَ عليهِ
آخذةً رؤايَ
بكلّ ما أبقى الزمانُ لديكِ
من وجدٍ حزينْ
فقفي
على حلم الحقيقةِ
واعلمي
أنّى اتجهتِ
أو اتجهتُ
فما لقلبي غيرَ قلبِكِ
ما لقلبِكِ غيرَ قلبي
من مدارٍ
وهو يخفقُ
إِثْرَ حبكِ
في المدار المستحيلْ؟