صَحارى الصقيع - محمد جلال قضيماتي

وقلتِ:
انهمرنا على الشوق شوقاً
ولكنْ..
أخاف انهيار السكونِ
بقلبي وقلبكَ
أخشى
تمرُّدَ ما حمَّلتْنا الضلوعُ
فهل في هوانا
-إذا ما عصتنا المشاعرُ-
ما يستبيح رؤانا
ويردع أحلامَنا المذعنةْ.؟
لعلَّ الهوى
إذ تسرَّبَ فينا
رويداً.. رويداً
رماناً على عالم اليأسِ
نقرأ فيه ظلال العذابِ
ونمحو من العمرِ
كلِّ الذي حمَّلتْنا الحقيقةُ
أنَّا سمونا على موئل التُرْبِ
أنّا ارتقينا
أسيرَينِ
ننشدُ في هدأةِ السرِّ
آمالَنا المعلنةْ
وماذا..
-إذا أرَّقتنْا المواجدُ-
نخفي
ونعلنُ
والعمرُ أدركَنا منه نهرٌ
عصيُّ الإرادةِ
ماذا سننهلُ
والنهر ظمآنُ
لكنَّ وِرْدَ المريدِ
إذا لم يكن منه بدٌّ
تُراهُ
سيعلن للروحِ
أنَّ الهوى غالَبَ الوجدَ
فانسابَ
ينهلُ من واحة القلبِ
ما أرهقته المناهلُ
فارتاح في شفق الغربِ
يعلنُ
أنَّ اللقاءَ
تماهى على شرفة الإنتظارْ.؟
وماذا
يخبِّيء فينا العذابُ
ونحن على جمره سادرَيْنِ
تُرانا
سنمضي إلى عالمٍ
لا يساورنا فيهِ
غيرُ التمنِّي
أو الألم المستكينُ
بأعماقنا الموهَنَةْ.؟
وماذا
إذا ما تبعنا هوانا
سيجمعنا بعد طول اغترابٍ
ودربي
ودربُكَ
قطبانِ
لا يجمعان بدنياهما
غيرَ ما قد تشاء رؤانا
وغيرَ انحسارِ التَّفاني
بجنَّاتِ أحلامنا المقفرةْ.؟
وماذا..
وماذا..
وكلُّ المواسمِ
بيني وبينَكَ
إن زهّرَتْ
أو تجلّتْ علينا
بما أغدقت من
عطاءٍ
وخصبٍ
سنسعى إليها
ولكنْ..
إذا ما وصلنا
تجفُّ بأيدي التمنّي
وتتركنا
عشبةً صوَّحتْ
لا تغنّي لديها الحياةُ
إذا ما دعتْها
لطيفٍ تناجيهِ
في جنَّةٍ مقمرةْ
تُرانا نكونُ..
تُرانا نهونُ..
ويقضي علينا العذابُ
ويتركنا
في صحارى الصقيعِ
غريبَيْنِ
نبدأُ
من حيثُ خاتمةُ البدءِ
نبحثُ
عمَّا نراهُ
ولا نستطيع الوصولَ إليهِ
لأنّا
كتبنا بقيَّةَ أيامنا المرهَفاتِ
على سحب الإغترابْ
وإلاّ..
فما غايةُ البدءِ
والحلمُ أغطَشَ
وانهارَ
في ردهاتِ العذابْ.؟
***
وقلتُ:
إذن
أنتِ في فلك العمرِ
تُؤوينَ روحي لديكِ
ولكنْ..
تخافينَ من عالمٍ ما يرانا
لأنّا لديهِ
غريبانِ
نحلمُ
في غفلةٍ من رؤاهُ
ولا يدرك الدرب شأواً
لخطوي وخطوِكِ
حسب الحياةِ
وإن أرهقتنا
بآلامها المستعيذةِ باليأسِ
أنّا سنكتب فيها
بدايتَنا المستجيرةَ
لا بالهجيرِ
ولكنْ
بأعماقنا المشرعاتِ
وراء الظنونِ
وراء القرونِ
لنحُيي لديها الخلودَ
ونمضي إليها
أليفَينِ فيها
غريبيَنِ عنها
نريدُ
ونفضي
ونعلم أن الحلولَ
وإن كان صعب المنالِ
فإنّا
-وحسبُ السموِّ-
سمونا إلى عالمٍ
على سِدرةِ الإخضرارْ
وحسبُ التواصلِ
بيني وبينَكِ
أنّي غرقتُ لديكِ
وكانت معانيكِ
دُرَّ المحارِ
وعمقَ البحارْ
فلا تعجبي
أنَّ روحيَ مسراكِ
لكنْ..
أجيبي ظنوني
تُراها ضلوعي
لديكِ المسارْ .؟
وقلنا..
وقلنا..
وما زال فينا التَّرقُّبُ شوقاً
ولكنْ..
نخاف إذا ما دعانا الوصالُ
يغيبِّنُا
في مداه الوصالْ
وما حرَّمتهُ علينا الحياة
تجود به رعشاتُ المآلْ
فماذا نقولُ
إذا ضمَّنا العمرُ في لحظةٍ
ثم ألقى علينا
ظلالَ الزوالْ!؟