سَديم المجرّة - محمد جلال قضيماتي

بانتظار الوعدِ
ما زلتُ أغنيّكِ
وفي عينيَّ أشواقٌ حيارى
سكنتْني الروحُ في مغناكِ
وانسابتْ إلى الأعماقِ
همساتٍ عذارى
لستُ وحدي في مدار البوحِ
لكنّي..
وقد آنستُ فيكِ:
الحبَّ
والأحلامَ
والهجرانَ
واللقيا
على دارة أنفاس انتظاري
غبتُ في دنياكِ مأخوذاً
وطرفي
يتمادى في مدى عينيكِ
يستجلي
من النظرة أمداءً
يراها
إن تَبُحْ بالحبِّ
ينهلُّ عليها
وابلٌ من صمتِكِ المخضلِّ بالأشواقِ
يذكي في فؤادي
كلَّ ما تبغينَ من ثورة حبٍّ
أنتِ فيها
أنتِ منها
إنّما..
إنْ أنتِ قاربتِ مداها
يستعيذُ البوحُ من صمتِكِ آناً
ثم يذوي
تحت أغصانِ الأماني
يسأل الوقتَ
انهماراً
يوقظ الحرمانَ
أشواقاً
ويُؤوي في مداكِ
الحبَّ
والذكرى
وأنسامَ انهياري
في ربى عينيكِ
لكنْ..
قبلَ أن أغرقَ توقاً
تمسحينَ القلب بالوصلِ
فأنسى
أنَّ فيها
كاد أن يقضي على الحبِّ استعاري
وحدَكِ الآنَ على الجرحِ
تنادينَ سكوني
فألبِّي
قبلَ أن تندى هنيهاتُ اغترابي
وأرى في ظلِّكِ الآتي بعيداً
أنَّ هذا البعدَ قربٌ
وإذا أَسرى على طيفِكِ طيفي
تغمرين الغربةَ النشوى
بآيٍ من معانيكِ
فأتلو
كلَّ عمري في هداها
ثم آتيك قريباً
فإذا عيناكِ
خمري
وإذا دنياكِ
سرِّي
وإذا لقياكِ
جهري
وإذا كلُّ الذي تؤوينَ من حبٍّ
يغنّي بلهاثِ الصمت:
إنّا
مذخُلقنا
مذحَلُمنا
لم نكن إلاّ فؤاداً واحداً
يخفق فيهِ
قلبُكَ المضنى.. وقلبي
قلبيَ العاني
وقلبٌ
إن يكن في صدرِكَ الصادي
يغنّي-
فلقلبي
فأنا أدري
وتدري
أننا حباً وشوقاً
قد نَهَلْنا العمرَ كأساً
وسنبقى
سورةً تتُلى.. وآياً
من كتاب الخلدِ
ولْتِدْرِ الأماني
أننّا
رغم انهمارِ المستحيلِ اليومَ
لكنْ..
في غدٍ
دربي
ودربُ الحبِّ.. دربٌ
سوف نعدو في مراميهِ
سكارى
ننشدُ الآتي من الوصلِ
وننسى
أنَّ ماضينا ثوى
وانهارَ في رجعِ صداهُ
زمنٌ
فرَّقنَا يوماً.. فأودى
في مدى النسيانِ
واخضلَّتْ أمانينا
وحارتْ
أينّا أصبحَ للحبِّ مدارا
بعد ما كانت روابينا قفارا.؟
علّليني
إن أكنْ يوماً غريباً عنكِ
أنّي سوف أحيا
في ندى أشواقكِ
أو أني سأبقى
في رؤى عمرِكِ
أطيافاً
وذكرى
أنتِ
يا بوصلةَ القلبِ.؟
وَأَنَّى اتجهتْ روحي
فلا تلقى
سوى طيفِكِ يسري في رؤاها
فاتبعي دربي
وإلاّ..
أَتبعي دربَكِ روحي
واعلمي
أنّي.. وإن كنتِ مجراتِ سديمٍ
فبقلبي
وبروحي
نَهَرُ الأيام يجري
...
وعلى مجراه من عينيكِ -دربانِ:
فؤادي
وانتظاري
فاسمعي أنفاس أضلاعي خريراً
كلُّ ما فيه يؤدّي
لَكِ آياتِ صلاةٍ
تتمنّى..
تتغنّى..
بمعانيكِ.. وتدري
أن مثوى القلب دنياكِ
وإن تبغي ثواباً
فهنيهاتُ وصالٍ
تتركُ القلبَ على قارعة الزَّهْوِ نديماً
تسألين الحبَّ سَّراً عنه في الصمتِ
وتدرينَ
بأنَّ الصمتَ وصلٌ
لم يَبُحْ إلا بأنّا
تحت أعطافِه نأوي
عاشِقَيْنْ
وبأنّا
نهلةٌ من كأس خمرٍ
أُذهَلَتْنا
بين تحنانٍ.. وبَيْنْ
فانهليها
واسقنيها
بانتظارِ الوعدِ
ما زلتُ أناجيهِ بأشواقي الحيارى
ربّما إن ألهمتْنا ألحانُ
ننسى
أننّا كنّا..
فنعدو
في هديل الوصلِ
بالوعدِ سكارى؟