حالات المداد - محمد جمال طحان

تغوص رقبته في السواد
يكتب الآن أمراً باحتلال البلاد
دمروا كل شيء يدب
واحرقوا تاريخهم
لا تتركوا أثراً لهم .. لكتاباتهم ..
أشــــــــعارهم ...
واحرصوا على منبع النفط
ليس للأغنام حق بالرواد
* * *
تغوص رقبته في البلاد
يحصي عدد القتلى
في الجزائر
في اليمن
في ماليزيا
وفي القاهرة
من هي العاهرة ؟
من يرتدي صوته ؟
ومن ذلك الذي يسن السياط
من هو المذنب
والمذنب
من يقتل من ؟
لماذا ؟
كيف ؟
***
يختم الضبط
مدير محق
عنصر مدان
صار للقوة يدان
***
تغوص رقبته في المداد
يفكر في القيصر :
كيف يبول إذا كان في أول الاجتماع ؟
ماذا تقول السفارات عنه
إذا غاب برهة
ثم عاد
ثم غاب برهة
ثم عاد
ثم غاب برهة ثم عاد
هل يداهمه المغص
أم يبحث في الدهاليز
عن مرتع للكلام ؟
***
تغوص رقبته في العباد
يكتب نعياً على مرأى من غصة النهر
داهموها
كي يفسدوا موعداً للغرام
كسروا الجرة
ومضوا منتشين
لم يزل العاشق
يرقب سرب الحمام
يرسم زنبقة على صدر عاشقة
تداهم رأس الحبيب
يغفو على حلم لا يفيق
يرسل زفرة كالحة
ويفتح مقبرةً على فمٍ لا يليق
***
تغوص رقبته في السواد
يقيء على رجلٍ
يستلّ مسدسه بامتعاض
يستهل الرصاصة ببسملةٍ عارمةْ
تغوص رقبته في البياض
يذرف دمعةً على غصن زيتونٍ
ينبئ باللهجة الصارمةْ :
لم يكن يأذن الله للغاصبين
بأن يفقؤوا عين البلاد
باسمه الرؤوف
***
تغوص رقبته في المداد
متردداً يراقب / كل الوجوه
التي ترقب الاقتراع
تدوخه الحروف الرتيبةُ
من يدٍ ليدٍ ... يستعيدُ ذات الحروف
يغافل صاحبَه ذات حزن
يرسم عصا فوق كرسي
الملوك
يثبّتها فوق لامٍ خجولة
ويختفي بعبّ ابتسامته
خلف مقلةٍ ظامئة
والأكفّ
تسوق صاحبَهُ
إلى معبر الصمت
يختفي في السواد
***
يختفي في السواد
يعدّ من يأتي إلى الأمسياتِ
كئيباً
ومن يمتطي النقد ليعلو
ومن يغرز في الأمسيات هلوسةً
لا يعيها
يعدّ الكلام البذيء
يعدّ الخُطى والحصى والبلاد
***
هذا الذي يكتب كلَّ شيءٍ
يبقى على فمه سؤال :
من يكتبُ عنه ؟
من يكسبُ في فيه بياضا ً
يتقن كلَّ الألوان
دوّخه اللونُ
أزرق لا يشبه بحراً
أخضر يحمل بستاناً في جنبيه
أحمر في رأسه جرحٌ ينزف
أسود يرسم موتاً باستمرار
يرتكب الآثام حزيناً
وحزيناً يسأل :
من يمنحُهُ برج الصّمت
هذا الذي يكبو
له حدٌّ وله ولـهٌ وشجون
وله جَدٌّ :
يصير أعمى
أو تنمو له
في لجّة الليل عيون
***
وحين ينشغلُ صاحبُه
يعدّ النّقود
يمتطي فرصةً للسقوط
ثم ينتشي
حين طفل ي دهسه
غير عابئ بالألم
تبعثره الريح
إلى لا مكان
يعلن الحاسوب عن
موت القلم