انحسار الغيـم - محمد جمال طحان

الشمس أضاءت ماكانت
تتناقلُه مُقَلُ العتمةْ
وبدا إخلاصُك - عبدَاللهِ - كما النسمةْ
قد مرَّ شفيفاً وسريعاً
كحدودِ السيفِ على الغيمةْ
ومضى كالضيفِ يحدّثنا
عن حرِّ الصيفِ وعن طقسٍ
يتوشّح مسكوناً برؤاه
آهٍ من عبدالله
قد كان يلملم عن دمنا
آهاتٍ من وجع ٍ مضنٍ
ويوزّع أحلاماً قصوى
ويشكِّل نجم القطبِ عيوناً للفقراءْ
يتفقّد كلّ ذويه ولا ينسَى الغرباءْ
ويخبّئ تحت عباءتهِ الفرحَ المنسيَّ
ويهدينا، بالوهم، عزاءْ
ونديّاً كانَ يسائل عنّا كلَّ مساءْ
عبداللهِ نقيّاً كانَ وعالي الهمّةْ
كالنّسر يحلّق للقمّةْ
لاتُرهبُهُ الأنواءُ ولا يخشى
أن تغزوه المحنهْ
وهوت نجمةْ
فتغيَّب عبدالله
* * *
الشمس أضاءت في الظلمةْ
ماأخفيناهْ
لم يرحل عبدالله إلى بلدٍ أخرى
لم يطلبه مَلَك الموتْ
كي ننفض منه أيادينا
وبحرقة أشواقٍ نبكيه
لكنْ - وليرحمه الله - تغيّر شيءٌ في سيماه
أمست ضحكته لاتشبهُهُ
ماعاد يلملمُ آهاتٍ
أو يزرعُ أحلاماً أخرى
وتوارى يبحثُ عن سببٍ
كي يغنَم منّا
ويبادلنا : حبّاً بحراب
* * *
عبدالله الآن ترجَّل
لم يخجل
واستيقظ فيه صوتُ الوغدْ
الشمس أضاءت مانجهلْ
لم يرحلْ عبداللهِ ولم يُقتَلْ
أخفاهُ الذئبُ الكامنُ فيهِ
لقتلِ أخيه
والظلم امتدّْ
فبدا أسراباً من حمأٍ
تتخفّى في ثوب الكلمةْ
تتسرّب فينا كالطاعون ولا ترتدّْ
وتكشّف عبدالله لنا
أمريكيّاً
* * *
الشمس أضاءت مايمتدّْ
فهوت نجمةْ
وتغيَّب عبدالله بها
من غير وداع
فليرحمه وليرحمنا الله
كي نبقى نبحث عنّا
قد نلقانا وفينا
بعضٌ من بعضٍ منّا
لم يتدنَّس بعد