سنوات الردة 1 - محمد مأمون نجم

وكأني من قبل الإسلام أسافر في ريح هوجاء
أتسكع فوق رصيفِ الوقتِ
أغني أغنية خرساءْ
صدري محشو بالكبريتِ
وألهث .. ألهث في الدنيا خلف الأضواء
لا عود ثقاب ينهيني
لا جذوة نار تأكلني
لا قطرة ماء
عصبي مشدود حول الكرة الأرضيةْ
يغتال على جزر الملح الكاوي
بحراب الفكر الحجريةْ..
في ليل الردة من عمري
في زمن البحث عن الأضواءْ
كان الطاغوت يساومني
وبنات الفكر تراودني
وتمارس داخل جمجمتي فن الإغواءْ
كم عشت حياة تافهةً
وقطعت دروباً موحشةً
وشبعت فراغاً فكرياً
وشبعت مع الأيام خواءْ.
صدري محشو بالكبريتِ ..ألوذ بمن ليخلصني ؟
لا حل سوى أن أتمرد … أن أسبح ضد التيارْ !
أشعلت حريقاً في الغابة
أحرق فيها الطير، الشجر، الأزهار..
وشنقت تراثي حتى الموتْ ..
وعلى أقدس ما عندي من فكر أطلقت النارْ
ولذت بساحات الثوارْ..!
أوليس الثوار همُ في إثر عذابي أنى سارْ ؟!
ورجوت جحيم الثورة أن تشهق في صدري ليل نهارْ
فخَبَتْ ، وعرفت علام وكيف خبتْ
وعرفت علام وكيف تثارْ
فجحيم الثورة ترفض أن تلقي في صدري جذوة نارْ
إن لم تتوهج أنيابي
وتبدل كل شراييني بشرايين من فخارْ
كي أصبح ذئباً بشرياً
أو ليلاً في أحشاء نهارْ !
راهنت على الأعلام الحمرْ
ووقفت عليها كل العمرْ
بالأحمر طرزت حياتي
لكن - وقبيل حلول الليلْ
راجعت حسابات الآتي
ورفضت تجاوز خط الكفرْ
وحللت رموزاً مبهمةً
وانفك السحرْ
فالمنجل مقصلة كبرى
والمطرقة استلت للقهرْ
نجس التاريخ يحاول أن يستخفي خلف ثياب الطهرْ
وعرفت الشرف الأحمر كيف يقيء دماءً في حانات العصرْ
فانطفأ الباطل في قلبي
وتوارى من طرقات الفكرْ..!