النجوى الرابعة - محمد موفق وهبه

ليسَ فِي عَالمِنا السَّائِرِ وَالمَاضِي اسْتِرَاحَاتُ هُجُوعْ
ليسَ فِي عَالمِنا الطائِرِ رحْلاتُ رُجُوعْ
أوْ مَحَطاتُ انتظارْ
ليسَ فِي كَوْكَبِنَا الدَّائِرِ فِي الكوْنِ سُكونٌ وَثبَاتْ
سُنَّةُ الخالِقِ قانونُ الحَيَاةْ
كلُّ شَيءٍ قدْ تغيرْ
كلُّ شَيءٍ قدْ تبَدَّلْ
فالحكاياتُ العليلَهْ
والأسَاطيرُ التِي نامتْ عَلى أهْدَابنا فِي الشَّرقِ أعْواماً طويلَهْ
جيلنا يُنكِرُها
شَرقُنا الحَاضِرُ لا يذكرُها
لمْ يَرثْ عَنْ مجدِهِ الخالِدِ هذِي الترَّهَاتْ
كلها كانت دخيلَهْ
كلّ شَيْءٍ قدْ تبَدَّلْ
كلّ شَيْءٍ قدْ تغيرْ
غيرَ ثوبِ الحُبِّ مَازَالَ سَخيفا
ومُخيفا
لمْ يُغَيّرْ ثوبَهُ الحُبُّ فمَا زَالَ بجلدِ الغولِ يَحْيَا فِي الجبالِ
منذ أحقابٍ طوالِ
كلُّ مَا يَعْرفهُ الناسُ عَنِ الغولِ القديمْ
أنه هَروَلَ عريانَ إلى الغابِ.. اختفى خلفَ التخومْ
وَاستعَارَ الحُبُّ جِلْدَهْ
ومضى نشوانَ في الزيِّ الجديدْ
ثم ولى تاركاً مرتعه فينا.. إلى صُمِّ الجبالِ
لا يبالي
بتباريح القلوبْ
ونفوسٍ قد تذوبْ
فغزا الرعبُ خيالاتِ الأهالي
سارحاً في كل بلدَهْ
أيّها الحبُّ الذي فِي الشَّرقِ يَحْيَا
بثيابِ الغولِ يَحْيَا
لمْ تضَللنا كمَا ضَللتَ بالأمسِ الجُدودْ
قدْ عَرَفنا ثوْبَكَ الزَّائِفَ فاخلعْهُ وَأقبلْ
ليْسَ فِي طهْركَ رَيْبْ
ليسَ فِي عُرْيكَ بَعْدَ اليَومِ عَيْبْ
ليْسَ فِي هَذا الوُجودْ
مِنكَ أجْمَلْ
أيُّها الحُبُّ الوَدودْ
أيُّها الحُبُّ العّطوفْ
أقبلِ الآنَ إلينا
لِلقُرَى للمُدُنِ العَطشَى إليكْ
وَلِكأسٍ مُترَعٍ يَرْوي لظاهَا مِنْ يَدَيكْ
أقبلِ الآنَ إلينا
لِلجبَالِ الشُّمِّ لِلتلِّ الضَّئيلْ
للسُّهُولِ الخُضْرِ لِلغابَاتِ لِلودْيَانِ أقبلْ مَا عَليكْ..؟
اِخلعِ الثوبَ المُعارْ
نحْنُ مَرْضَاكَ صِغاراً وَكِبارْ
دَاؤُنا ثمَّ دَوَانا فِي يَدَيكْ
نحْنُ زَمنَى أيُّها الآسِي فشَمِّر سَاعِدَيكْ
أنقِذِ الشَّرْقَ السَّقيمْ
أنفسٌ صَرْعَى، قُلوبٌ مِنْ هَشيمْ
طَحَنَتْها طيَّرَتْ ذرَّاتِهَا الرِّيحُ العَقيمْ
أيُّها الحُبُّ الذي فِي الشَّرْقِ يَحْيَا
بِثِيابِ الغولِ يَحيا
نحْنُ أشْلاءُ انتظارْ
فَاتَنَا عِيدٌ وَعِيدْ
فَاتَنَا دَهْرٌ طويلْ
أيُّهَا الحُبُّ الجَميلْ
نحْنُ فِي الشَّرْقِ قُروحٌ وَجُروحْ
وَمَوَاويلُ تنوحْ
أقبلِ الآنَ إلينا
بِسَنا الوَجْهِ الصَّبوحْ
أيُّهَا الحُبُّ السَّموحْ
طُفْ عَلينا
طُفْ أدَانينا أقاصينا قليلا
تجدِ الناسَ لدَينا عَجَبَا
تجدِ الأرْنبَ فينا ثَعْلَبا
تجدِ الآسِي عَليلا
تجدِ الفِكرَ كليلا
تجدِ الرَّأسَ لدينا ذَنَبَا
طُفْ عَلَيْنا
اركبِ الرّيحَ إلينا
تجدِ الشَّرْقَ صُرَاخاً وَعَويلا
تجدِ الشَّرْقَ انكسارْ
غاصَ فِي أعْمَاقِنا دونَ قرَارْ
وَلِوَا نَصْرِكَ فِي الدنيا يَطوفْ
طُفْ عَلينا
تجدِ الشَّرْقَ إلى الخَلفِ يَسِيرْ
مُمْعِناً فِي الإنْحِدارْ
مُسرِعاً لِلإنْدِثَارْ
اركبِ الحُلْمَ إلينا
تجدِ الأجْسَامَ كالأشْجَارِ تَعْلو وَتَطُولْ
خلفهَا الأرْوَاحُ سُقْمٌ وشُحُوبٌ وَنحولْ
هَجَمَ الذلُّ عَليْهَا فانتقمْ
مُسْتَبيحاً لِلْقِيَمْ
رَكِبَ الهَامَ فأنسَاهَا القِمَمْ
قدْ تَشُدُّ العَزْمَ لكِنْ أيْنَ فِي القاعِ الهمَمْ..؟!
أيُّهَا الحُبُّ يُنادِيكَ مِنَ الشَّرْقِ فَتَىً
خِدنُكَ الشَّاعِرُ هَلْ تذكرُهُ..؟
عِشْتُمَا عُمْراً كإلفينِ مَعَا
عَرَفا الدُّنيا صَفاءً وَنقاءْ
أيُّهَا الحُبُّ السَّعيدْ
شَرقُنا صَارَ عَليلا مُوجَعَا
باسْمِهِ أدْعُوكَ أرْجُوكَ فهَلْ تُنْكِرُهُ..؟!
أيُّهَا الحُبُّ البَعيدْ
إنْ تكنْ فِي الأرْضِ فِي الأعْمَاقِ فاصْعَدْ-
أوْ تكنْ فوقَ الثرَيَّا
فاقفزِ الآنَ إليَّا
أوْ فحَوِّمْ مِنْ أعَاليكَ عَليَّا
باسْم مَنْ فِي الشَّرْقِ أدْعُوكَ فأقبلْ
هَاهُنا ليْسَ لدَيَّا
مُنقِذٌ إلاكَ أدْعُوهُ فأقبلْ أيُّهَا الحُبُّ إليَّا
أيُّهَا الحُبُّ الذي فِي الشَّرْقِ يَحْيَا
بِثِيابِ الغولِ يَحيا
ليْسَ فِي طهْركَ رَيْبْ
ليْسَ فِي عُرْيكَ بَعْدَ اليَومِ عَيْبْ
ليْسَ فِي هَذا الوُجُودْ
مِنكَ أجْمَلْ
أنا فِي الشَّرْقِ مِنَ الشَّرْقِ أناديكَ فهَيَّا
باسْمِ مَنْ فِي الشَّرْقِ أدْعُوكَ وَأرْجُوكَ أناجيكَ فأقبلْ
أيُّهَا الحُبُّ إلينا
أيُّها الحُبُّ العَطوفْ
نحنُ أشْلاءُ انتظارْ
قدْ دَعَوناكَ صغارًا وَكِبَارْ
لِنرَى وَجْهَكَ فِي الشَّرْقِ يَطوفْ
أيُّهَا الحُبُّ العَطوفْ
أيُّهَا الحُبُّ الذي فَي الشَّرْقِ يَحْيَا