ما أبخس النذر - محمد موفق وهبه

عَادتْ حُنيـنٌ وَ أُعْجِبْنـا بِكَثرَتِنـا
أينَ الجَحَافِلُ..؟ لا كَرُّوا وَلا فَرُّوا..!
شَتانَ مَا بيـنَ مَاضيـنا وَحَاضِرِنا
تَفَرَّقَ الشَّمْلُ فاغربْ أيُّـها النَّصْرُ
يَا سِفرَ عِزَّتِنا صَفحَاتُـكَ اتَّسَـخَتْ
فَليَرْحَمِ اللهُ مَنْ خَطّـوكَ يَا سِـفْرُ
مَتى تُجَـدَّدُ؟ هَـلْ آنَ الأوَانُ لَهـا؟
رَايَاتُكَ الحُمْرُ لا صَفحَاتُكَ الصُّفـرُ
خَمسينَ عاماً كُؤوسُ الصَّبرِ نَجرَعُها
حَتّى تَعَفَّنَ في أَحشـائِنا الصَّبـرُ
لا يُدْرِكُ الحَـقَّ إلا مَـنْ أعَدَّ لَـهُ
وَقالَ: سِـيَّانِ عِندِي الصَّدْرُ وَالقَبْرُ
كُـنَّا أُسـودًا إذا انتابَتهُـمُ نُـوَبٌ
يَرُدُّهَا عنهُـمُ الإيمـانُ وَ الصَّبْـرُ
وَسَيفُ عِزٍّ سَـمَا فالحَـقُّ مَوضِعُهُ
فإنْ غَضِبنا هَـمَا مِنْ حَدِّهِ القَطـرُ
فمَا أعَـزَّ خِيَامًا تَحتَهـا شَـمَختْ
عَزائِـمٌ لمْ يُمِتهَـا القَـرُّ وَ الحَـرُّ
قَلبـي وَرَاءَكَ يَـا أرْدُنُّ مُنفَطِـرٌ
قلْ لِي مَتى أحضنُ الشُّطآنَ يَا نهرُ ؟
وَ يَـا شَـواطِئَ يَافا يَا مَلاعِبَنـا
هَا نَحنُ وَالصَّيْفُ لمْ يَنزَحْ بِنا العُمرُ
وَلّى التَّجَهُّمُ فالأنسـامُ ضَاحِـكَـةٌ
وَ الأفقُ يَبْسـمُ وَ الأزهارُ تَفتَـرُّ
تلكَ الحَمَائِمُ مَـنْ طارَتْ مُوَدِّعَـةً
عَادَتْ تغرِّدُ فاسْـمَعْ أيُّـها الدَّهْـرُ
حَانتْ مَوَاسِـمُ قطفِ البُرْتقالِ فيا
بيَّارتِي هاهُمُ الصِّبيانُ قَـدْ مَـرُّوا
وَيَا غصونِيَ بالأقمـارِ مثـقَـلَـةً
لُمِّي الحُلِيَّ سَـبانِي الخَدُّ وَ النَّحْـرُ
وَ يَا مَنازِلَنا فِـي صَفَـدَ انْفَتِحِـي
وَ يَا سَـتائِرُ رُفـِّي فالهَـوَى ثَـرُّ
غَريرُكِ الغضُّ هبَّ اليومَ عَاصِفَةً
قولِي لِطِفلِـكِ: حلقْ أيُّهـا النَّسْـرُ
حَطمْتُ كأسَ صَبَابَاتِـي وَمَائِـدَتِي
اليومَ أمرٌ وَ في استشـهادِيَ الْخَمْرُ
نَذَرتُ روحِي فداءً فَليَعِشْ وَطَـنِي
مَا أبْخسَ النَّذرَ إمَّـا وُفـِّيَ النـَّذرُ
.
1969
*في موقعة حنين أَعجبت المسلمين كَثرتهم فقالوا: لن نُغلَب اليوم مِن قِلَّة فانهزموا ثُمّ شاء الله أن يَتمكن رَسوله من لَم شملهم فانتَصَروا.