جاء الشتاء - محمد موفق وهبه

جاءَ الشِّتاءْ
وَاندَفَعَتْ مَرَاكِبُ الغيومِ فِي السَّمَاءْ
قلاعُها السَّوْدَاء يَا حَبيبَتِي أطفأتِ الضِّيَاءْ
وَأغلقتْ نوَافِذ الصَّفاءْ
جاءَ الشِّتاءْ
وانشَقَّ سُورُ الشَّرْقِ وانهَارَتْ صُخورْ
حَوَافِرُ الرُّعودِ تجْري فوْقَ مِسْمَعَيْ
وفي سماءِ خاطري تدورْ
وَتقدَحُ الشَّرَرْ
كالسَّيفِ مَسْلولاً يُريدُ خطفَ مُقْلَتَيْ
أرسله القَدَرْ
فلا وَزَرْ
وترتمي أجنحةُ الخيالِ من ذُعرٍ إلى الترابْ
أسرابْ
تتبعها أسرابْ
وَتَختَفِي الأحْلامُ وَالأوْهامُ وَالصُّوَرْ
خلفَ الحجابْ
جَاءَ الشِّتاءْ
حَبيبَتِي.. وَيَرْجعُ السُّكونْ
يَنشُرُ فِي الآفاقِ أطيَافاً مِنَ الوُجُومِ وَالشُّجُونْ
وَيختفِي سَيْفُ البَريقِ فِي تجَاعيدِ السَّحَابْ
وَبَعْدَ لحْظتينِ تمْضِيانِ كالدُّهورْ
تنصَدِعُ السُّدودُ تنهَارُ الصُّخورْ
وَتسْكبُ السَّمَاء أنهارًا مِنَ المَطرْ
جَاءَ الشِّتاءْ
تسَللتْ عَناكِبُ القنوطِ تبنِي عُشَّها الكَبيرْ
بَابًا يَلوحُ قاتِماً يَسُدُّ مِحْرَابَ الرَّجاءْ
وَقَلبِيَ المَقرورْ
يَرْعَشُ خَلفَ أَضْلُعِي لا يَعْرِفُ الدِّفءَ وَلا الحَنانْ
وَخاطِري الفَقيرْ
مُشَرَّدٌ مُضَيَّعُ الزمانِ وَالمَكانْ
يَلوبُ فِي الضَّبابْ
يَبْحَثُ عَنْ مَاضِيهِ فِي بَعْضِ الذكرْ
وَليسَ إلا الرِّيحُ يَا حَبيبَتِي تُشَاجِرُ الأبْوَابْ
.
1965