النجوى الثامنة - محمد موفق وهبه

أنا هُنا
وَرَاءَ سُورِ الشَّرْقِ أحْيَا
حَيْثُ عَاشَ كلُّ أبْطالِ الحِكايَاتِ القديمَهْ
تحدَّثِي يَا شَهْرَزَادْ
عَنْ سِندِبَادْ
وَعَنْ عَلِي بابا وَغارِ السَّارقينَ الأرْبَعينْ
وَعَنْ عَلاءِ الدِّينِ عَنْ مِصْبَاحِهِ السِّحْريّ
تَحَدَّثي
عَنْ أَنفُسٍ ضَعيفَةٍ سَقيمَهْ
سلّطَها الدَّهرُ عَلى العِبادْ
أَسلَمَها القِيادْ
فَلَمْ تَكُنْ يَوماً بِهِمْ رَحيمَهْ
وَأَنفُسٍ صَحيحَةٍ سَليمَهْ
ظَلَّت مَدى أَجيالْ
مَسلوبَةَ الآمالْ
مَهضومةً حُقوقُها مَظلومَهْ
تَحَدَّثي يا شَهرَزادْ
عَنْ قمَرِ الزَّمَانِ عَن عَينِ الحَياةِ عَنْ بُدورْ
وَعَن تَباريحِ الهَوَى وَالحُبِّ وَالغَرامْ
عَنْ لَذَّةِ الحِرمانِ وَالصُّدودِ وَالوِصالْ
في الهِندِ فِي دِمَشقَ في صَنعاءَ في بَغدَادْ
في كُلِّ ما ذَكَرتِ لِلسُّلطانِ مِن بِلادْ
غَدَوتِ شَهرَزادْ
مَلصوقَةً بِكُلِّ ما في شَرقِنا القَديمْ
غَدَوتِ نَقشاً رائِعاً في سورِ كُلِّ بَلدَةٍ من شَرقِنا القَديمْ
غَدَوتِ حُلماً طافِياً عَلى جفونِ لَيلِها الطَّويلْ
لَيسَ لَهُ مَثيلْ
مُذْ يَزحَفُ الظلامْ
وتُغلَقُ الأبوابُ كي تنامْ
تَحَدَّثي يا شَهرَزادْ
قصِّي عَلى السُّلطانِ آلافَ الحِكاياتِ الجَميلَهْ
وأترِعي بالسّحرِ كأسَ روحِهِ العَليلَهْ
لَعَلَّها تَرتاحُ مِن عالَمِها الشَّقيّْ
وتنثني لعالَم الإحسانِ والفضيلَهْ
تحدّثي..
فهَا أنا فِي غُرفتي وَحيدْ
وَحْدِي مَعَ الأوْهامِ وَالأشْعَارْ
أصْغِي إليكِ مِنْ وَرَاءِ الدَّهْرِ يَا سَميرَة السُّلطانِ شَهْرَيَارْ
أُجيلُ في السطورِ مُقلتَيّْ
أسترحِمُ السُّهادْ
منْ بعدِ ألفِ لَيلَةٍ وَلَيلَةٍ طَويلَهْ
منْ عُمْرِيَ المُنْهارْ
مَرَّتْ بِلا نَهارْ
مَرَّتْ بِلا نَجمٍ وَلا سُمَّارْ
يَا شَهْرَزَادْ