الشهيد - ممدوح عدوان

مشيت والصديق دمعتين
مشيت والصديق دربه الطويل
لكنني رجعت وحدي موحشاً
مشيت هذا الوجع المزهر مرتين
كنا نسير فوق حلم دامع
كنا نسير خطوتين.. خطوتين
نحمل أسرار الشباب
كي نكابد الزمان
وبغتة...
فاجأني بأنه شهيدنا الجميل
ومن يظن أن هذا العابر الساهمَ
يحمل الشهيد فيه سراً كالقتيل؟!
***
الطلقة التي توغلت إلى القلب دماً
واستأثرت بسره
لم تترك الفرصة للتوديع
أو للآه
لم تمهل التفاتة الدهشة أن تتم
لم تسمح له بذكر أمه
وذكر الله
الطلقة التي توغلت إلى القلب دماً
كنظرة صاعقة الإغراء
مزقت الأرض التي تحملنا
ضاع على شظية منها
وضاع ما تواعدنا عليه في البكاء
فضعت بين بين.
كنت مع الشهيد مرتين
في مرة حيّاً
ومرة سما ضوءا
وبغتة
يصير نهراً هادئاً
والموت إذ يأتيه جائعاً وظامئا
تصير ضفتاه وجبتين
الطلقة التي أتت واستأثرت بسرّه
أعطته وهجاً صاعقاً أراده
لو كنت أدري أن شيئاً طارئا
يجعله ضوءاً لكنت أنتبهْ
كنت تشبّثت بوجهه وعمره
بحلمه وسره
كنت إذن أهتم به
لكنه كان صموتاً خائفا
وكان جائعاً وعاشقا
وكنت، مثله، مكبل اليدين
***
حملته وسرت،
قال لي: تدفنني!
أبيت وانسربت في الزحام
كان الدم النازف يرسم الطريق
نحو أيام حلمنا
أن ترمم الغد الذي تصدّعا
وحينما وصلتها
ولم تكن سوى ركام خامد تجمّعا
سألني: "تدفنني؟"
فقلت: هذي الأرض قبر واسع
وفيه نستلقي معا.
____________
من ديوان: للخوف كل الزمان