سوسة - نائل الحريري

- 1 -
عيناكِ، والرّغيفْ
وجهانِ يبكيانْ
وثورتانِ في دمي
ملغومتانِ بالهوى
والشكِّ...
والحِرمانْ
جوعٌ من الأحلامِ
لا أعرفُ...
لو أردُّهُ
لربَّما تكسَّرتْ مفاصلُ الأمسِ على انتظارها
وأطبقَ الزَّمانُ جَفنَهُ على الزَّمانْ
عيناكِ والرَّغيفْ
يُكسِّرانني على قيثارةٍ عرجاءْ
ويفتِلُ الرُّخُّ على أعقابِهِ
يُشمشِمُ النِّيرانْ
يا كبدي الواقفَ كالشَّوكَةِ في محرابها
كم أشتهيكَ لقمةً سائغةً للرخِّ
أصحو بعدَها
ليسقطَ العمرُ الذي يختالُ في ملامحي
وتنتهي الأوصافُ، والزَّمانُ، والمكانْ
كم أشتهي أن ينتهي فيكِ وجودي
ربّما أدلفُ من غيابةِ الجبِّ
إلى غيابةِ القبرِ
فلا أموتُ إلا مرَّةً واحدةً
ولا يعودُ لي – على أطرافها –
من جنَّةِ الخُلدِ
سوى جُحرٍ
بحجمِ الوطنِ الأوحدِ
والإنسانْ
- 2 -
أحبُّكِ اليومَ
ولا غدٌّ سيأتي بعدَها
ولتتحطَّم كلٌّ ما في الأرضِ
من آلهةٍ غبيّة
وليأكلِ التّاريخُ أسماءَ الحكايا كلِّها
فلم يعدْ يَنفَعُهُ مُشعوِذوهُ السُّودُ
أو تمائمٌ سحريّة
وليسَ ما يكفي لديهم من شياطينَ
لكي يختنقَ الرّاوي بغيرِ فاعلْ
وليسَ ما يكفي من الحبالِ
كي يُشنَقَ صوتي عُنوةً في زحمةِ البلابلْ
ما زالَ صوتُ الوقتِ في عُكّازتي يُدوّي
يحفِرُ خُطواتي إلي عينيكِ
في رويَّة
أحِبُّكِ اليومَ على مهلي
فلا غدٌّ سيأتي بعدَنا...
أنا الـ(هُنا) و(الآنَ)
والأسماءُ كلُّها التي علّمها لنا
والأبجديّة
- 3 -
عيناكِ والرّغيفْ
ستبقيانِ سوسةً تنخُرُ في عظامي
ووجعي المكبوتَ
كالُّدموعِ في العيونْ
ستبقيانِ يديَ المقطوعةَ الثَّكلى
إذا أمُدُّها أمامي
وعقليَ المُلقى وراءَ زحمَةِ الجنونْ
ستبقيانِ شهوتي الرّعناءَ للحُرِّيّة
في حُبِّ طفلةٍ
لطفلٍ بائسٍ حزينْ
وجوعيَ الكافرَ للهواءْ
إذ أشتهي لي رئةً في الصَّدرِ ترويني
ولا يُسعِفُني الأنينْ
- 4 -
عيناكِ والرّغيفُ
مبدئي ومُنتهاي
عيناكِ كافٌ
والرَّغيفُ نونْ
*
2006