عشرون - نائل الحريري

اليومَ سيصبح عمري عشرين عاماً، وسأفتحُ عينيّ

سأراكِ أقرب، وأرى نوراً في آخر النفق

*

حبيبتي أنتِ، بِرَغْمِ الظّروفْ
برغْمِ هذا البعدِ، رغمَ الكسوفْ

حبيبتي تلكَ التي –بَعدَها-
تكبُرُ فوقَ الشِّعْرِ، فوقَ الحُروفْ

تبقى على كَفّيَّ محفورةً
في نَسمَةِ الصَّيفِ، وبَردِ الخريفْ

وترسمُ الأحلامَ في داخلي
وشوقَها الصَّلبَ القويَّ العنيفْ

ما زالَ كالأطفالِ حُبِّي لها
مشاكِساً، طِفلاً خَجولاً أليفْ

يقلِّبُ الأشعارَ في مهدِها
يرفُضُها خرساءَ، بين الرُّفوفْ

.

كَمْ كَبُرَتْ، ولم تَزَلْ طِفلةً
ترقُصُ، كالغزلانِ قبلَ الوقوفْ

تلبَسُ قرصَ الشّمسِ أسوارَةً
وتَنتَقي النَّجماتِ بين الصُّفوفْ

صدرٌ مِنَ الرُّمَّانِ يغتالُني
وضِحكَةُ الطِّفلِ البريءِ الشَّغُوفْ

أَصُبُّها في قهوتي كُلَّما
أَرَدْتُ أنْ أسكَرَ، دونَ الألوفْ

يا شفةً كسلى بِلَونِ النبيذْ
كيفَ استوى الخمرُ، بقلبي الضَّعيفْ

وكيفَ ذاكَ الشوقُ أخفَيتُهُ
تحتَ غِطاءِ الشّاعِرِ الفيلسوفْ

.

عشرونَ عاماً، بعدُ لمْ تَكتَمِلْ
وبَعدها القادِمُ، أحلى القُطوفْ

في كلِّ يومٍ، أنتِ أسطورتي
أحلى مِنَ الأمسِ، وفَوقَ الوُصوفْ

ووجهُكِ النائِمُ في أضلُعي
باقٍ، ملاكاً حول مهدي يَطوفْ

وفي دمي يَسري، جُنوناً طغى
فوقَ الأسى والبؤسِ، فوقَ النزيفْ

.

عامٌ مضى، ولم تَزَل حُلوَتي
شيطانةً في ثوب عيدِ نظيفْ

ولمْ يَزَلْ يصلِبُني حبُّها
كالوردِ في كفٍّ حَنُونٍ عَطوفْ

كَمْ كَبُرَتْ، لكنّني بعدَها
ما زِلتُ ذاكَ الطِّفلَ، فوقَ الرَّصيفْ

أحكي لها عن حُلُمٍ ضَمَّها
وعافَني وحدي، أنا ... والحروفْ

*

23 – 8 - 2006