مرثية نصف إله - نائل الحريري

بداية الألفية الثالثة ...
ذكرى ميلادي السادسة عشرة
2001
*
زّمليــــني ... واهربــي مّني
وعودي بعد حينْ
و أدخليني...
مثلما أدخلُ في ظلِّي وقد أصبحتُ ظلاَّ
إنَّ لي في القلبِ ناقوساً
يغنِّيني صلاةَ العاشقينْ
وأنا مثلي...
أراكِ اليومَ عاشقةً
أراكِ اليومَ أحلى
زّمليــــني ...
واتركي في القلب شبراً أحتبيه*
إنَّ في صوتي حريقاً
يأكل اليابس واليابسَ حزناً
فتعالي أشعليه
إن نصف الموت أن نحيا
ونصف العقل أن نهوى الجنونْ
زّمليــــني
أغلقي الأبوابَ
والأستارَ...
أجفانَ العيونْ
بعدَ حينٍ سوفَ ألقي عامداً كلَّ ثيابي
وسأشدو راقصاً حتَّى أقعْ
وستمحو الشمس مني كبريائي... وعذابي
وسأبقى بعضَ روحٍ ...
نصفَ قلبٍ ...
وقِطعْ ...
زّمليــــني ملءَ كفَّيكِ
وصلِّي كي أموتْ ...
إنَّهمْ ...
قد أغلقوا كلَّ الحكايا
... والبيوتْ
أوصدوا بالشَّمعةِ الحمراءِ بابَ الغارِ
غطَّاهُ الحمامْ...
وعلى البابِ ...
تجلَّى فوقَ عرشي العنكبوتْ...
زّمليــــني...
لم يعد في العمر ما أبكي عليهْ
ليلةٌ أخرى ...
ويلقي قاتلي عنّي يدَيهْ
زّمليــــني...
إنّ روحي ضدًّ قلبي ثائرةْ
وصليبي غائرٌ في الخاصرةْ
طعنوني...
زرعوا في الظهر سكيناً
وفي القلب الظلامْ
تركوني نازفاَ في اللّيل موسيقا
... وحزناًَ لا ينامْ
تركوني تحتَ قاعِ البئرِ أبكي
سلبوني صدرَ أمِّي
وقميصي خبَّؤوهْ
ألصقوا بالذئبِ والموتِ الجريمهْ
أحضَروا الذئبَ أمامي ...
مزَّقوهْ
ثمَّ باسمِ الرَّبِّ قاموا
جعلوا الذئبَ وليمةْ
آهِ يا كلَّ المواويلِ القديمةْ
ألفُ آهٍ ...
كلَّما مزَّقتُ من عريي ثيابي
ألفُ آهٍ...
كلَّما فصَّلتُ أحلامي على ذاكَ الجسدْ
ألفُ آهٍ...
حينما ترفض مني كلُّ أوطانيَ أوراقَ انتسابي
ألفُ آهٍ ...
كلَّما أدركتُ أنِّي لا أحدْ
ألفُ آهٍ ...
وأنا في عتمتي خلفَ الزوايا
وأنا المسؤولُ عن كلِّ الخطايا
وأنا طعمُ المرارةْ ...
وأنا الأبكمُ ...
إمَّا صِحتُ قاموا رجموني بالحجارة
وأنا عشرونَ نصفاً، ميِّتٌ يبكي
وحيٌّ لا يُفيقْ
وأنا(روما)
و(روما) ضمَّها عشرونَ نيروناً
وأطفاها الحريقْ
* * * *
ارفعي عينيكِ نحوي وتوضِّي
وضَعي رأسيَ تحتَ المقصلة
أخبريهم ...
سوفَ أرقى الجُلجُلةْ
وادخليني...
فتِّشي كلَّ سطوري ...
لملمي الأشلاءَ منِّي، و ازرعيني
ثم صلِّي ليهوذا ...
ولكلِّ البائسينْ
واهربي منِّي ...
وعودي بعدَ حينْ
نحنُ من ماءٍ وطينْ
وسنبقى
- كي تعيشَ الأرضُ-
من ماءٍ وطينِ
زّمليــــني...
خبِّئي عينيكِ في عينيَّ
ثم انتظريني
وارفعي عينيكِ نحوَ الشمسِ حتى تجديني
تجديني ...
*
تمّوز 2001