خماسيات ابن الملوح - نائل الحريري

لماذا قتلها؟ . . . .
و لماذا قطع يـده؟!
- 1 -
الليلُ يا ليلى يُعاتبني
ويَشُلُّ آهاتي ويكويني
ويُسِرُّ لي ما لستُ أدرِكهُ
فيزيدُني في الوهمِ تخميني
وأصيرُ كالمِرساةِ _ مُهملةً
في البحرِ _ يرفعُني و يُلقيني
فأصابِعي العشرونَ في أُذنِي
ونِداؤُه المحمومُ يُصميني
‹‹ سلِّم على ليلى ›› وأحسبُها
سيفاً يُقطِّعُ في شراييني
- 2 -
وَالبحرُ جاوَبَني بِضِحْكَتِهِ :
بحر بِصَدْرِك باتَ يَضطَرِمُ
والقلبُ فيكَ مُضَيَّعٌ تَعِبٌ
الموجُ يحطمُهُ فينحطِمُ
يا ويحَ نفسِكَ والهوى ندََمٌ
هيهاتَ، ماذا ينفعُ النَّدَمُ
عامانِ مرّا منذ كنتَ هُنا
تزهو بحبِّكَ كالسَّلاطينِ
أوَما سمعتُكَ قلتَ ساعتَها:
القلبُ قلبِي والهوى ديني؟!
- 3 -
ليلايَ دار العمرُ دورَتَهُ
وأنا على أعتابِهِ ثَمِلُ
وغرامُكِ المجنونُ صاعقةٌ
تأتي عليَّ، وليسَ ترتحلُ
وتقول لي: يا مَن لهُ أملٌ
ما عادَ ينفعُ في الهوى أملُ
فأغيبُ في صمتٍ يُحطِّمني
وجيوشُ أسئِلتي تُناديني
وتكادُ تُرديني فأقتُلُهَا
وأكادُ أقتلُها فترديني
- 4 -
شدّي عظامَكِ، حانَ موعِدُها
وتأبَّطي دمعاً بلا سببِ
فالقبرُ يصرُخُ بابُهُ عَطَشَاً
والدُّودُ في شكوىً وفي عَتَبِ
شُدِّي العِظامَ، وأطعِميهِ دَمَاً
حتَّى يموتَ الكُلُّ مِنْ سَغَبِ
"ليلى" لهُم ،لا "قيسُ" يملِكُهَا
فخُذِي ضميري كي تُريحِيني
ولينهشوكِ و ينهشوهُ كمَا
نهشَ اليهودُ ذُرى فِلسطِينِ
- 5 -
"كالقمحِ لونُكِ يا ابْنَةَ العَرَبِ
كالفجرِ بين عرائشِ العنبِ"
هو ذاكَ قبرُكِ فاملَئيهِ بِما
تبْغِينَ مِنْ مالٍ ومِن ذَهَبِ
وإذا سُئِلْتِ هُنَاكَ عنْ قَلْبٍ
مازالَ بينَ العَرْضِ والطَّلَبِ
هاتِي أكاذيباً أصَدِّقُها
وإذا شكَكْتُ بِها، فَلُوميني
فلكِ الجِنانُ تسيلُ أنهاراً
وجهنَّمُ الحمراءُ تؤويني
- 6 -
ليلاي، هل أصبحتِ خيطَ دمٍ
فسكنْتِ أعصابي وأورِدَتِي؟‍!
أم هل طواكِ اللهُ أغنيةً
تنسابُ في صوتي وفي لُغَتي
أنّى اتجهتُ تَظَلُّ تلحَقُنِي
حتَّى يشلَّ الحزنُ أغنيتي
في الكأسِ ألمحُها، وفي كُتُبي
في يقْظـَتي، نومي، وتدخيني
حتى أكادُ أُحسُّها سحَبَتْ
جسدي إلى قبرٍ سيطويني
- 7 -
خلِّي العتابَ لأجلِ موعِدِهِ
تحتَ القُبورِ السُّودِ والظُّلَمِ
وتخيَّرِي لُغَةً تُناسِبُهُ
لغَةَ الفَنَاءِ الحَيِّ، والعَدَمِ
إن التُّرَابَ غداً سَيجمَعُنا
فتَرقَّبِي الأيَّامَ وابتسِمي
كُلُّ الشُّهُورِ تَرَقُّبٌ وَجِلٌ
تَكرارُ تأليفٍ وتلحينِ
فاليومُ مثلُ غدٍ -وبعدِ غدٍ-
وكذا نهايةُ كلِّ مسكينِ
- 8 -
يا خنجراً بالأمسِ صَوَّرني
بطلاً على رِممٍ وأشلاءِ
حتَّى رمى قلبي وفجَّرَهُ
فَلْتبْكِ ليلى كُلُّ حسناءِ
ليلى التي أدميتَ تطعنني
وتخطُّ فوق الجرح إمضائي
يا خِنجراً -إن طارَ- ما أدمى
في الجسمِ غيرَ الماءِ والطِّينِ
كيف انحطمتَ على يَدِيْ ، فإذا
لا الجرحُ ماتَ، ولستَ تُنهيني؟!
- 9 -
الليل يا ليلى يعاتبني . .
و يشلُّ آهاتي ويكويني
ويُطِلُّ وجهُكِ مِنْ نَزيفِ يَدِيْ
ونزيفِ قلبي كالبراكِينِ
فإذا هناكَ رأيتِني أبكي
بينَ القبورِ كغيمِ تشرينِ
فتذكَّري- ليلايَ- حينئِذٍ
أنِّي إذا أبكيكِ، أَبكيني
قتلَتْكِ سِكِّينٌ و تقتُلُنِي
في كُلِّ يومٍ ألفُ سِكِّينِ
*
أيلول 1998