سورة: "الآخَر..." - نزيه أبو عفش

سورة: "الآخَر..."
أو: خندق الميليشيا
-------------------
"أنا الآخَرُ، وأنتمُ الآخَرون.
تسمُّونني أخاً
وأدعوكم: إخواني!!..."
أبداً، أبداً
لستُ الشقيقَ ولا الصاحبَ ولا شريكَ الحياة.
أبداً، أبداً...
لستَ شقيقي ولا صاحبي ولا شريكَ حياتي.
كلانا: "آخَر"...
كلانا: مجرَّدُ آخَر!...
*
ليَ عيناكَ وقلبكْ
ليَ فمكَ ورئتاكَ وآلامُ ندمكْ...
رجْفَتُكَ من الخوف
وشهقةُ روحكَ في حضرةِ الجمالْ.
لكنْ، فجأةً،
تحت قشرةِ التآخي الكوني
لسلالاتِ الديكةِ والتماسيحِ والأرانب،
ينكشفُ عطشُ الفولاذ، وشذوذُ الدم،
ونَهَمُ ميليشياتِ أبناءِ الربِّ
إلى احتكارِ عضويةِ "نادي العراةِ" السماويّْ:
تنكشفُ صورةُ "الآخَرِ"
مُكفَّراً في عماء سريرةِ الآخَرْ...
(تنكشفُ السكِّين!!...)
وينكشفُ أنْ:
كلانا آخَرُ الآخَرْ
كلانا قابيل...
وكلانا ذبيحتُهْ.
... ... ... ...
فإذنْ
لا تَلُمِ الضعف
لا تَلُمِ الخوف
لا تَلُمْ حيرةَ المنبوذْ
لا تَلُمْ رعشةَ يدِ الجبانْ
لا تَلُمْ شهوةَ المطارَدِ
إلى خندقٍ
أو وكرٍ
أو سقيفةِ بيتْ.
لكنْ...
لُمْ سلاحكَ الذي يتحفَّزُ تحت ضوضاءِ العرسْ
لُمْ سلاحَ أخيك (أخيك "الآخَر"!...)
الذي يتربَّصُ خلف تحصيناتِ "العدوّْ"...
لُمِ الضغينةَ مقنَّعةً بتسامُحِ رُسُلها العميانْ...
لُمْ قوَّةَ يقينِ "الآخر"
الذي لا يرى في "الآخَرِ"
غيرَ ضلالِ "الآخَر..."
لُمِ الخندقَ الذي حفرناهُ معاً
(أنتَ الآخرَ وأنا آخَر الآخَر)
حفرناهُ معاً...
وها نحن الآن، على ضفَّتيهِ العدوَّتين
- ملثَّمينِ بعقائدنا وبَغْضائنا،
ملثَّمينِ بأكذوبةِ أُخوَّةِ الحيوانات –
منطرحانِ كلٌّ خلفَ تلَّةِ ترابهِ... أو تلَّةِ عقيدته:
العينُ على الهدفْ
والإصبعُ على الزنادْ
والقلب يرتجفْ!...
... ... ... ...
: كلانا نعجةُ الذئب.
... ... ... ...
أنا "الآخَرُ"
وأنتَ "آخَرُ الآخَر"...
: كلانا يملكُ الحقيقة
لكنْ، لا أحد يملك الحقّْ.
: سيَخْلُدُ الشرّْ!!...
... ... ... ...
أنتَ "الآخَرُ"
وأنا "آخَرُ الآخَر"...
: كلانا يملك الحقّ
لكنْ، لا أحد يملكُ الحقيقةْ.
: نعم، سيَخْلُدُ الشرّْ!!...
*
لا تبتسمْ
أرجوكَ، لا تبتسمْ
فخلفَ هذه الوردة
أشمُّ رائحةَ موتْ.
***
5 تشرين الثاني 2001