قبل مرحلة الندى - ياسر الأطرش

عذبٌ‏
كأوّلِ صورةٍ في الكأسِ وجهك‏
أيّ قنديلٍ‏
سيفتتح الصلاة على بهائكِ؟‏
أيّ فصلٍ‏
سوف يمنحني- ولو ظلاًّ‏
لأعبر في قميصكِ‏
أو أشيّد- فوق ما عرّى مساء الريش- قامة عاشقَينْ..‏
بحرٌ.. وتنتظرين هذا القادم المسكون بالغيم المجرّدِ‏
واحتمال الملح في الزبدِ- الفراغْ..‏
هذا الغريب كطلعة النخل العراقيّ البريءْ..‏
الآن يأتي‏
يحمل النهوند أُفْقاً.. والكتابة عاصمه‏
من أين يدخلُ‏
كيف يبتدئ الحوار مع النبيذ الطفل في شفتيكِ‏
أو يُلقي على نهديكِ أسئلة الوجودِ‏
وأنتِ قُبّةُ من يمرُّ إلى صلاة الصبحِ‏
في الصمت المعلّق بين آدم والترابْ..‏
خوفٌ‏
يبلّلُ معطف الروح القديمةِ‏
والدُوار يُعمّدُ الجسد المعذبَ.. بالغيابْ‏
هذا الغريبُ‏
لقد أتى قبل اشتعال البوح في ورق الشوارعِ‏
قبل مرحلة الندى‏
فاصفرَّ حتى آخر الشرفاتِ‏
في الغيب المطلِّ على البلادْ..‏
لكنّ قلبكِ كان أوضح من نزيف البحرِ‏
فارتدتِ الخطا لون الحريقِ‏
وكرّستْني خاوياً من أيّ لونٍ‏
غيرَ قارعة الرمادْ..‏
* * *‏
بيني وبينك أنّ هذا الليل أنضجني‏
وخانكِ‏
فاتكأتِ على نوايا الشمسِ‏
وزّعكِ الضياء على القلوب المقفله..‏
والآن‏
كيف ألمُّ بلّور الحكايا‏
من حقائبَ ما لها زمنٌ‏
ومن جوع الوجوه إلى الحوارْ..‏
يا من تُطمئنني‏
وتسهرُ.. في ثريات الحنينْ‏
الآن أعرف أنك الأنثى‏
وأنك ملح هذا النبضِ‏
والسفر العميقُ إلى صراخ الروحِ‏
في الزمن القصيّ‏
وأنك الغاباتُ‏
ضمن دمي تهاجرُ‏
والعصافير التي اجتازتْ حدود الموتِ والرؤيا‏
وأنك غفلةٌ‏
شردتْ من الغيم البريء، فلوّثتنا بالمطرْ‏
والآن أعرفُ‏
أنّ تفاح البكاء خطيئةٌ أخرى‏
وآدمُ- سيّد الرغباتِ- نهرٌ‏
لا تُغيّبُهُ الفصولُ؛ ولا انكسارات المسارِ‏
وإنما..‏
نبكي.. إذا شربتْ مرايا النهر أحزان القمرْ..‏