زمن أم عمرو - ياسر الأطرش

تمهّلْ.. كلُّ ذي روحٍ أسيرُ
وهذا الكون معتقلٌ صغيرُ

نجوع به ونعرى دون ذنبٍ
ويلبس كذبة الذهب الأميرُ

تدور بنا كواكبنا وتجري
بلا شأنٍ، ونحن بها ندورُ

نظنُّ الأرض ممكنةً فنسعى
يضلّلنا بها أملٌ ضريرُ

نسوق العمر يرعى عشب حُلْمٍ
فترعى عشبة العمر القبورُ

وإني إذ أرى ميلاد طفلٍ
أرى في عمقه موتاً يزورُ

وبين الصرختين أرى شقيّاً
تقلّبهُ كما تقضي الأمورُ

تطوف به الوجوه، فيرتديها
وبعد الواحد الأرقام زورُ

تمكِّنُهُ فيظلم ، ثم تكبو
فيُظلمُ.. وهو في الحالين جُورُ

فسحقاً لي أسبُّ الشرَّ فرداً
ولو ملكت يدي.. فأنا شرورُ

وليس الظلم شخصاً أو خلاقاً
ولكن كلُّ مقتدرٍ يجورُ

هي الأسباب مالكها غنيُّ
إنْ اختلفتْ، وفاقدها فقيرُ

هي الدنيا لناظرها ستبدو
كسنبلتين.. قمحٌ أو شعيرُ

وإذ تربو غلال الحقد فينا
حقول الحب موئلها تبورُ

بعكس الريح قد دارتْ رحانا
وياليت الهوى فينا يدورُ

هناك على مشارف أم عمروٍ
لنا في واحة الذكرى حضورُ

على سور الفرزدق ياسمينٌ
تدلى من روائحه جريرُ

وفي ليل الملوّح شعر ليلى
يرفُّ، ولا يحطُّ ولا يطيرُ

وفاطمُ وامرؤ القيس استهيما
فلم ينزلْ.. ولا عُقر البعيرُ

ونهر الحب دجلة كان حقلاً
نهود الفاتنات به زهورُ

فهل أخذوا جميع الحب حتى
غدونا لا يحرّكنا شعورُ

لعمري ما الفروع بمورقاتٍ
ولا تغني عن الفرع الجذورُ

"لقد ذهب الزمان بأم عمروٍ"
وسوف يعود إن عاد الضميرُ