المعري فلسطينياً * - ياسر الأطرش

أعادك.. والزمان كذا يعيدُ
لعهد صباً، فقام دمٌ جديدُ

وخلتَ الشوق يُغذي فيك وقداً
ويلمع في ضنى عينيك عيدُ

فأرجعك الخراب إلى سرابٍ
ومات على ذبول يديك عودُ

ومرَّتْ في سمائك ذكرياتٌ
تَساقَطُ من مرارتهنَّ غيدُ

لبستَ على خُطاك الشوك يأساً
فعاشتْ في ظلال خُطاك بيدُ

وعدتَ إليك منكسراً كضوءٍ
فما إلاك يدرك ما تريدْ

***

تحب الله والدنيا، ولكنْ
بدين يزيد مثلك لا يزيدُ

همو سُقفوا بأحلامٍ قصارٍ
وشاطئ حلمك البحر المديدُ

كذا الفئران تقبع في جحورٍ
ويغتصب المدى صقرٌ عنيدُ

ويذعن للسلامة قلب نذلٍ
ويصمد للوغى قلبٌ شهيدُ

يمدُّ يديه مئذنةً.. ويمضي
إلى سقف السماء، ولا يعودُ

يُشيِّدُ من شظايا اللحم فصلاً
من الأمجاد.. تحرسه الورودُ

يقبِّلُ خدَّ أمته ثلاثاً
فتفشي سرَّ عاشقها الخدودُ

يقدِّسُ عهده، ونخون عهداً
وعند الله تُستوفى العهودُ

سيهزمنا بيوم الحشر طفلٌ
له منّا على دمه شهودُ

إداناتٌ وشجبٌ وانبطاحٌ
وذلٌّ يستحي منه العبيدُ

قعدنا عن مناجزة المنايا
وما بلغ العُلى قلبٌ قعيدُ

أأصحاب السعادة لا عُمانٌ
ستسعدكم، ولا اليمن السعيدُ

إذا صرختْ بأقصى القدس أمٌّ
يُشقُّ البحر، والدنيا تميدُ

وتبيضُّ العيون أسىً وقهراً
وتبكي صخرةٌ، ويئنُّ عودُ

ويزجي خيل نخوته هشامٌ
ويخرج من ترائبه الرشيدُ

ويتلو المسجد النبويُّ آياً
فتنبت من مآذنه أسودُ

أأصحاب السعادة لا سعدتم
متى تُرخى عن الناس القيودُ؟

أيشرب سائحٌ من ماء عكا
ويشرب قهر صاحبه الوريدُ

تآلفَ بغيهمْ.. فاشتدَّ عوداً
وواحدنا.. تقسِّمهُ الحدودُ

لنا مليون جنديٍّ وجيشٍ
ولكن يا ترى لمن الجنودُ؟!

صبيٌّ يحمل المقلاع إسماً
يساوي ألف مليونٍ.. وزيدوا!

فلسطيني، وأمك أمُّ صبرٍ
ورفضكَ موتكَ الأمل الوحيدُ

تضيق بك البلاد، وأنت طيرٌ
وتتّسعَ الزنازن واللحودُ

وترسلك السجون إلى شجونٍ
وأنت كتاب نَفْيِكَ.. والبريدُ

وأنت الأرض.. والمنفى.. وشيءٌ
لشدة قربه منّا.. بعيدُ

ويا شيخ النضال وأنت طفلٌ
مريدوك البطولة والصمودُ

تقومُ.. فينهض التاريخ شمساً
وتصعدُ.. فوق ما يدري الصعودُ

ويا سرَّاً يطير إلى مداهُ
كما الدعوات.. منزلكَ الخلودُ

ونصر الله آتٍ دون شكٍّ
وأنت لنصركَ الآتي نشيدُ

----------

نيسان 2002

-------------------------

* ألقيت في مهرجان المعري الثقافي السادس 2002