انهضْ من الجسد القتيل - ياسر الأطرش

حزموا عناوين البيوتِ‏
وما تبقّى من شوارعهمْ..‏
وغابوا..‏
تركوا حقائبهم على كتف الزمانِ‏
تطير أوراقٌ وينعتق اغترابُ..‏
رفعوا كتاب اللهِ‏
فوق الرمحِ‏
فانكسر الصدى العَربيُّ‏
لا خيلٌ تكرُّ‏
ولا مصابيحٌ تغازل أعين الآتينَ من ليلٍ‏
كأنهمُ الصباحُ‏
عواصمٌ خرساءُ‏
قد ملَّتْ تدقُّ يدٌ مضرجةٌ‏
ولم يُفتح بقلب الناس.. بابُ‏
***‏
حملوا أجنّتهم‏
وراحوا يبحثون عن الولادةِ‏
في حقولٍ تمنح الأسماء وردتها‏
وعن أمٍّ‏
تعدُّ بنادقاً للذاهبينَ‏
وقبلةً للعائدينْ..‏
خيطٌ طويلٌ‏
بين قبلتها وبين مواسم الذكرى‏
هناك..‏
على ضفاف المرحلهْ‏
خيطٌ طويلٌ من حنينْ..‏
عبروه نحو الموتِ‏
-كلُّ سفينةٍ لا تطلق المرساة‏
من وجع السكونِ‏
وترتدي حلم النوارسِ‏
خائنه!...‏
***‏
الماء أغنيةٌ‏
وزرقته فراشٌ راقصٌ‏
لكنَّ صورتها‏
على طياته تبكي‏
وتهرب كالحصى‏
خجلاً من الطفل القتيل‏
ومن قميصٍ‏
جاء إخوته عليه دماً كَذِبْ!..‏
هي سوف تعرفهم‏
ولو جاؤوا أباهم يمكرونْ..‏
الأرض‏
تشتمُّ الخيانةَ‏
واليد التمتدُّ للمنفى‏
تنام على رخامْ..‏
أعداءُ صف الأرض‏
لن يجدوا بديلاً عن حليب اللّوز‏
يطرد أبجديات الهزيمة‏
من دفاترهم‏
ولن يجدوا بلاداً‏
تستقرُّ على كلامْ‏
حين السلام‏
يعضُّ في الأقصى‏
محمدَ‏
درة الأقصى‏
أؤذنُ: لا صلاةَ ولا سلامَ‏
على السلامْ!..‏
القتل يزحف كالهواء‏
القتل يهبط كالمساء‏
القتل جهراً في الخفاء‏
القتل سرّاً في العلنْ!‏
يا من تقاتل كي يعيش بك الحمام‏
سيقاتلونك‏
كي يموت بك الوطنْ‏
***‏
الأهل أهلكَ‏
والتراب مصيرك الآتي‏
ومعدنك القديمُ‏
فلا تدعْ سرب الرصاصِ‏
ينال تذكرة العبور‏
بلا ثمنْ..‏
الموت‏
ينتظر الغزالة عند باب الحزنِ‏
فافرحْ‏
كي تمرر فرصةً أخرى على الصوت البديلْ‏
وانهضْ.. من الجسد القتيلْ‏
فرسائل الغُيّاب مرَّتْ‏
في البريدِ‏
إلى الوريدِ‏
وعاد عيسى‏
يوقد النور المبارك في ثرى قانا الجليلْ..‏
فجرٌ ضئيلْ‏
-سبحان من أسرى...‏
وتتصلُ المآذن بالسماءْ‏
الأغبياءْ!‏
لا تُقتلُ الأرض‏
التي احتضنت صلاة محمدٍ بالأنبياءْ‏
لن تُقتَلَ الأرض‏
التي احتضنت صلاة محمد والأنبياءْ!...‏