الشكوى - عبد السلام بركات زريق

حزينةٌ أنتِ بوحي لي بشكواكِ
وكفكفي الدمعَ يجري من مُحيَّاكِ

وساعديني جزاكِ اللهُ في وجعي
دواءُ جرحيَ أن أصغي لنجواكِ

قولي على أي ماض ٍ أنت آسفة
وما الذي من شؤون الدهر عنَّاكِ

تُخْفينَ سرا ً ؟ أأنتِ اليوم عاشقة ٌ؟
لعلَّ تسعدني النَّجوى وإيَّاكِ

إن الهوى ناسجٌ أكفانَ حامِلِهِ
فحاذري أن يُحاكَ اليومَ بُرْداكِ!

لو كنتِ مخطئة ً تشقى بفعلتها
لهان عندك في إثمي خطاياكِ

أو ضلَّ حظُّكِ في الدنيا فذا قدري
وما رأت مثلَه في البؤس عيناكِ

أم أنَّ سهمَ الهوى في غفلة ٍ سنحتْ
أصاب غيرَكِ في المرمى وأخطاكِ

لا تخجلي من جنون الحب إن عصفت
بنا الرياحُ وألقتنا لأشراكِ!

أو تخجلي من طقوس الحب تُشعلنا
نارا ً إذا الشوقُ كالإعصار ناداكِ!

طريقُنا في دروب الحبِّ واحدةٌ
وسوف أبقى بها أشقى وأهواكِ

إذا التقينا فَضُمِّيني على عجَلٍ
وأغرقيني ببحرٍ من عطاياكِ!

فإنْ غرقتُ فإنَّ الخُلْدَ منتظري
إنَّ الخلودَ إذا تفترُّ عيناكِ

أصبتِ منِّي فؤاداً صاغهُ ألمٌ
وكدتُ أقرأ نفسي عند لقياكِ

مواسمُ الحزنِ والشكوى تجمِّعُنا
ماذا سأفعلُ في الأيَّامِ لولاكِ؟

لا تجعلي ندَمي في الحبِّ يقتلني
كفاكِ في عالمِ العُشَّاقِ قَتْلاكِ!

قريحتي شاخَ فيها السُّقْمُ فانسكبتْ
كما تجودُ عيونُ المدنف ِِ الباكي

وأنضجَ الهمُّ أشعاري فلا ألمٌ
أراه في الناسِ إلا خِلْتُني الشَّاكي

عيناكِ كالنرجسِ المخضلِّ يُسكرني
فمن حكى النرجسَ السكرانَ إلاكِ

روضٌ من الحُسْنِ صاغَ اللهُ فتنتَهُ
فأمطرينا شذاً من بعضِ ريَّاكِ!

سيذبلُ الوردُ في خدِّيكِ مكتئباً
إنْ لمْ تفيضي عليَّ اليومَ جدواكِ

ويفقدُ النرجسُ المخضلُّ رونَقَهُ
إنْ لم يَدَعْني به نشوانَ خدَّاكِ

وإنْ دنا الموتُ لنْ تُجديكِ عافيةٌ
ولا إلى ساعةٍ إنْ شئْتِ أرجاكِ

وحاذري القولَ إنْ أسرفتُ في غزَلي
أنتِ الوحيدةُ بينَ الغيدِ أهواكِ

وإنَّما أنتِ بعد الألفِ واحدةٌ
تاهت على غير هدْيٍ بين أشراكي

إني اكتفيتُ من الدنيا فلا أسفٌ
على الحياةِ إذا تقضي بإهلاكي

وذاك أفضلُ أن أُنبيكِ عن خُلُقي
كي لا تقولي أخو جهلٍ تصبَّاكِ

حللتِ في القلبِ حيناً قد يُصادفني
هوىً لأخرى يناديني فأنساكِ

17/12/1995