حلم موت - عبد السلام بركات زريق

شيءٌ سوى الحبِّ في عينيكِ يُغريني
ومسحةٌ من عميق الحزنِ تُشقيني

شيءٌ يُعيدُ ليَ الذِّكرى ويحملني
إلى زمانٍ تولَّى ثمَّ يُحييني

شيءٌ من الوهمِ يمحو حاضري عبثاً
بهمِّ يومي وآلامي وتكويني

شيءٌ من الحزنِ في عينيكِ يأسرني
ويستحيلُ ضجيجاً في شراييني

شيءٌ يُحيِّرني يا ليتَ أعرفهُ
أو أن يقاربَهُ علمي وتخميني

شيءٌ يؤجِّجُ نارَ الشوقِ في كبدي
مبعثراً حُلُمَاً كم كانَ يُصبيني

شيءٌ يؤججُ أشلائي يبدِّدُها
خلفَ الزمان وراءَ الكونِ يرميني

شيءٌ كساعةِ ميلادي على عجلٍ
يولِّدُ الروحَ في قلبي ويُحييني

فليس يسحرني إغراءُ غانيةٍ
وليس كلُّ نساء الأرضِ تُغويني

ولا أنا مدركٌ حزناً ولا فرحاً
وليس كلُّ سرور الكونِ يعنيني

ولا الملذَّاتُ تغريني ولا ألمٌ
ينالُ قلبي ولو طعناً بسكِّينِ

فأسألُ النفسَ هل موتٌ أحاطَ بها
فمتُّ لا أحدٌ في الأرضِ يرثيني

يا ويحَ نفسي فؤادي أبحرٌ صخبتْ
بالحبِّ للناسِ لا إنسانَ يبكيني

فأينَ أهلي وأصحابي غدوا صوراً
في ذمَّةِ اللهِ أحيا دون تأبينِ

يا بؤسَ نفسي قضيتُ اليومَ يا زمني
وأنتَ في الموت يا دهري تعاديني

شيءٌ أعادَ ليَ الدنيا وبهجَتَها
فنورُ عينيكِ حُسْنَ الكونِ يُهديني

وزهرُ نيسانَ أعطاني مباركةً
من الجمالِ يواسيني فيُنْسيني

من أي بحرِ أسىً أشرقتِ ياقمري
كلُّ البحور تلظَّتْ من دواويني؟

فصارحيني بما تَلْقَيْنَ من ألمٍ
إنَّ التعلُّلَ بالآمالِ يشفيني

لَنَحْنُ أضعفُ أن نحيا بلا شجنٍ
كذا جبِلَّتُنا بالماءِ والطِّينِ

مرَّتْ كأنَّ لها سِحراً بمِشْيَتِها
تحكي الرياضَ بإشراقٍ وتزيين

كأنَّها إذْ تدوسُ الأرضَ عازفةٌ
لحناً من الطير في خُضْرِ الأفانينِ

فيشتهيها أديمُ الأرضِ في شغفٍ
كأنَّ موطِئَها أزهارُ نسرينِ

لقد صبرتُ ونلتُ اليومَ يا قدري
شيئاً من الخُلْدِ بل من حورِهِ العينِ

فلو سألتِ نجومَ الليلِ عن وجعي
وجدتِ كلَّ نجومِ الليلِ تبكيني

قد جرَّحتْني يدُ الأيامِ عامدةً
فما لقيتُ من الأيامِ يكفيني

أنتِ الشفاءُ جراحاتي أنوءُ بها
فمن حنان يديكِ اليومَ داويني!

إنَّ الحياةَ على نهديكِ رائعةٌ
فإنْ أردتِ ليَ الدنيا فضُمِّيني!

24/4/1999