حلُمُ صباح - عبد السلام بركات زريق

إنَّهُ الوعدُ في العيونِ الملاحِ
فاكتَنِفْني بنظرة ٍ يا صباحي!

وأحِطْنِي بلمسة ٍ من حنانٍ
طال في ظلمتي رؤى الأشباحِ

يزرع الليلُ في جفونيَ ملحاً
ويرشُّ المزيدَ فوق جراحي

وصديقايَ فيه صمتٌ رهيبٌ
وظلامٌ ويا لهُ من وشاحِ

يقطعُ الصمتَ أنَّة ٌ ونشيجٌ
فأهابُ الصَّباحَ خوفَ افتضاحي

لعنةُ الدَّهر أحكمتْ قبضَتيها
في خناقي فكم يطول صياحي ؟

أيُّهذا الصباحُ هل أنت وهمٌ
أم تخطَّاكَ تائهاًً ملاحي!

أم توشَّحتَ في ثياب حدادٍ ؟
و تعفَّرتَ من هزيعِ الرياحِ ؟

كنتَ يا صبحُ سلسبيلَ بهاءٍ
وعبيرا ً كنفحةِ التفَّاحِ

تسكبُ الأمنياتِ جنَّاتِ عطرٍ
عصرتْها فرائدُ الأدواحِ

ألفُ ليلى وألفُ ليلةِ أُنسٍ
تنفثُ السِّحرَ من كلامٍ مباحِ

قد تكونُ النِّساءُ أصدقَ قولاً
من نبوءاتِ مالكٍ وسجاحِ

غفلتْ والظُّنونُ صحوةُ لاحٍ
وصحتْ والمدامُ غفلةُ صاحِ

كنتَ يا صبحُ شاطئاً لفؤادٍ
أغرقتهُ يدُ الجمالِ الصُّراحِ

تنثرُ الآهَ والدموعَ رماداً
بَدَدا ً يُسْكِنُ الظنونَ براحي

صدحتْ في البعاد أطلالُ روحي
ببكاءٍ ويا له من صُداحِ!

فتنةَ الروحِ لا تُطيلي انتظاري
ليس في العشق فسحة ٌ للمراحِ

بين جفنيكِ مستراح ٌ لصدري
ووساد ٌ على ضفاف النُّواحِ

يشعلُ العاذلونَ في الحب ناري
وسبيلي إلى الردى نُصَّاحي

أيُّها اللائمونَ لو كان رشداً
لَهَدَتْني إلى الهدى أطماحي

فأنا والحبيبُ يوم اعتنقنا
نشوةُ الطِّلِ في عيونِ الأقاحي

وسقاني سلافة ً ليس فيها
من مزاج ٍ يَشِينُها بافتضاحِ

وأشاح الزمانُ عنِّي وعنهُ
مستريحا ً على شفا الأقداحِ

أيُّها العازفونَ لحناً شجياً
من بكائي ومن صهيلِ جراحي

أيُّها السائلونَ... كلُّ مصابٍ
في فؤادي وتحت ريش جناحي

أيُّها الطالبونَ عيشاً رضِيَّاً
أين من عيشكم جنونُ رياحي؟

جنَّةُ الخُلْدِ لو بدنياي مرَّت
لم تُفِدْني بساعةٍ لارتياحِ

وهمومي إذا ركبتُ شهاباً
أدركتني بطرفها اللمَّاحِ

فأعنِّي بغفلةٍ يا زماني
وأعِدْ لي لساعةٍ مصباحي!

هكذا ليلتي فكيف سأمضي
قصَّةَ العمر ؟ هل يطلُّ صباحي؟

3/3/2009