أملى النسيم على القلوبِ الصادِيَه - ابن شيخان السالمي

أملى النسيم على القلوبِ الصادِيَه
خبرَ الحمى سَحَراً فأضحت راويَهْ

وتمايلت طرباً غصونُ البان إذ
فهمت معانِيَه وكانت خافِيهْ

وتلطفت أحشاؤنا بسؤالها
إياه عن ظَبياتِه المتجافيهْ

والقلب صنَّف شارحاً متن الهوى
والدمع أوضح سرَّه في الحاشيهْ

من لي بتخليص الصَبا من روضةٍ
تُطفي بريَّاها القلوب الواريهْ

مرَّت عليها وهي فحم بالجوى
فتحولت خضراءَ ريَّا صافيهْ

إني لأعتنق النسيم ومثلُه
جسمي ليحملني لأرض قاصيهْ

أحبابنا قضت المحبة بُعْدَكم
لولا الشذا كانت علينا القاضيهْ

سمح الزمان بوصلكم دهراً فلم
يُتْمِمْه بخلاً واستردّ العاريهْ

هل تذكرون مجامع اللذات في
تلك المنازل في الليالي الماضيهْ

وجداولُ الأفراح جارية ودار الأُ
نسُ صرفاً من عيون الجاريهْ

إني لأشرَق بالدموعْ إذا جرت
ذكراكم وأعَضّ كفي الداميهْ

نسج الزمان بوصلكم من حسنه
حللاً وأبدع في طراز الحاشية

أترى الزمانَ لنا معيداً ذلك الم
اضي فترجع لي المسرة صَافيهْ

عطفا علينا يا حياة قلوبنا
وتداركوا هذي الجسوم الباليهْ

لو تعلمون حشاشتي لبكيتمُ
ورحمتموها إذ تذوب كما هِيَهْ

من ذا دهانا بالتفرق بعد ذاك
الاجتماع بطيب تلك الناحيهْ

والله يجمع شملنا ويرد ما
سلب الزمان من العقود الخالية

إن الزمان وإن جفا لا بُد أن
يُبدي الجميل كما طواه ثانيهْ

حلف الزمان ليُبدِينَّ محاسن الدّ
نيا بنفس في البرية زاكيهْ

ولقد وفا بيمينه لما بدت
في فيصل نجل الملوك العاليهْ

مَلك تعوّد بالجميل فلم تزل
أنعامه في كل أرض هامية

ملك إذا يممْتَه لبليَّةٍ
نزلتْ رجعت مع الجميل بعافية

ذو مِنّة صالحتَ إن صافحته
ما بين نفسك والخطوب الغازية

للحلم آيٌ في صحيفة وجهة
لا زال تقراها النفوس الجانيهْ

ذو هيبة تهتز منه الأرض إذ
طلعت كتائبه بأرض ساريهْ

ثَبْت الحِجى لا يَستفزّ فؤادَه
ما لمَّ من مِحَن الأمور الغاشيهْ

لم يستمع قول الحسود وإن أتى
بمشوشات للنفوس الصَّافيهْ

يزداد إجلالاً وفضلاً عنده
من نازعته الأنفس المتعاديهْ

مترصد للحادثات فكلّما
نزلت أعدَّ لها الجواب بداهيَهْ

انا بسيدنا المعظم فيصل
تِهْنا على الشُمِّ الملوك الخاليهْ

كم أشعثٍ عاري الأديم أتاهُ من
بُعد فأصبح في البرود السَّاميهْ

كم مُعْدِمٍ أخنى عليه زمانُه
أغناهُ حالاً بالعطايا الكافيهْ

تحْدى الركائب لابن تركي خير من
يمشي ويركب كل خيل عاديهْ

فإذا حَدَا الحادي طَرِبْنَ بقوله
هذي المناهل والمراعي الدانيهْ

ملك توطن فوق سرج الخيل لا
يعروه مَيْل وهي تعدو جاريهْ

فإذا على الخيل استوى تاهت به
مَرَحاً وذلَّلها وإن تك عاتية

الِفَتْ به فإذا مشى صَهَلت لهُ
شوقاً وتبغي منه وصلاً راجيهْ

ملك تخلَّق بالكمال فما به
عيبٌ يُرى إلاَّ الأيادي الوافيهْ

يهبُ الكثيرَ ويستقلُّ لعلمه
بالله والدُّنيا يراها فانيهْ

إن كان لم تَعْدِل جناح بعوضة
عند الإله فكيف تسوى سَاويهْ

أبقى الإله مليكنا فحيَاتُه
تحيا بهَا أمم به مُتناميهْ

والجسمُ ماء وهي آنية له
والماءُ يذهبُ بانصداع الآنيهْ

إني لأرفع بالمعظَّم فيصل
وبنيه آسادَ السنين العاديهْ

تيمور ذاك ونادرٌ ومحمد
أهل المعالي والأيادي الهاميهْ

فهمُ البدور صَباحةً ومكانةً
ومَحَجَةً وهم البحور الطاميهْ

يا أيُّها الملك المتّوجُ فضلكُمُ
قد سار في الدنيا مسيرَ الجاريهْ

رفعوا مقامي فانتصبتُ لشكرهم
وبهم كُفيتُ النازلاتِ الداهيهْ

قَصْر اللسان عن الوفاء بشكركم
وهِباتُكم في كل يوم وافيهْ

فلأنفقن العمر فيكم مِدحةً
لتكون طولَ الدهر فيكم باقيهْ

ولأرغمنّ الحاسدين بفضلكم
وعلى فضائلكم ضمانتُها ليهْ

مولاي هذي غادة قد أصبحت
تبغي صفاءَك لا المهورَ الغاليهْ

فإذا استوت في مجلس وتكلمت
بمديحكم نثرت عليه الغاليهْ

عش في كمال مستمداً نعمةً
من ربك الوهاب لا متناهيهْ